مفاهيم
ومصطلحات

حرف الميم

موسوعة
الماركسية
ما بعد ما بعد الأخلاق ما بعد التكوين ما بعد الرياضيات ما بعد المنطق
ما خارج الظاهرة المادة المادية الماديةالاقتصادية الماديةالتاريخية
الماديةالطبيعية الماديةالجدلية الماديةالساذجة الماديةالفرنسية المالتوسية
مب. الاجتماع إ مب. السمنطيقا مب. القيم مب. المعرفة مب. الوجود
مب. الفعليات مب. القيم المبدأ مبدأ اقتصادالفكر المثالية
مذ. الإلحادي مذ. الأسمى مذ. الانساني مذ. التشكيل إ مذ. التصوري
مذ. التناهي مذ. الحيوي مذ. الطبيعي مذ. ط. الأخلاقي مذ. ط. الإنسان
مذ. الظواهري مذ. العقلاني مذ. اللذة مذ. النسبية المظهر
المعرفة المعرفة المفهوم الميتافيزيقا ميكانيكا الكم
الميكروسولوجيا        

ما بعد / Meta

(الكلمة في اليونانية تعني بعد أو وراء) بادئة لفظية تستخدم في تكوين اشتقاقات وتعني بعد شيء ما، أو انتقال إلى شيء آخر. فمثلا دعا أرسطو الميتافيزيقا بهذا الإسم لأن مشكلاتها الأساسية معروضة في رسائل توضع بعد التعاليم عن الفيزيقا بواسطة الوسائل المنظمة لمؤلفات أرسطو. وتطلق الأسماء على بعض النظريات العلمية المعاصرة تبعا لذلك، مثل ما بعد النظرية، وما بعد المنطق، وما بعد الرياضيات، وما بعد الأخلاق.

للأعلى

 

ما بعد الأخلاق / Metaethics / Métaéthique

الفرع من علم الأخلاق الذي يوضح مشكلات التحليل المنطقي للأحكام الأخلاقية. وقد أدخل هذا المصطلح في علم الأخلاق الوضعيون المنطقيون الذين يعتبرون ما بعد الأخلاق (تشبيها بما بعد الطبيعة) علما يعلو على الأخلاق المعيارية ويسبقها. وإذا توخينا الدقة في الحديث فإنه لا خطأ في دراسة منطق الأحكام الأخلاقية. ولكن الوضعيين يفهمون ما بعد الأخلاق على أنها دراسة للبناء المنطقي « للغة علم الأخلاق »، ولدلالة الأحكام ومصطلحات علم الأخلاق، دون أن يتوصلوا إلى نتائج عما هو خير وما هو شر، أو عما إذا كان سلوم الإنسان يتوقف على الظروف الاجتماعية، الخ. ومثل هذا التفسير لما بعد الأخلاق زعم من جانب الأخلاقيين البرجوازيين بأنهم يخلقون علما يزعمون فوق الأطراف و"محايد" في موقفه تجاه السلوك الإنساني (أنظر الوضعية المنطقية في الأخلاق).

للأعلى

 

ما بعد التكوين / Epigenesis / Epigenèse

مفهوم التطور الجنيني للكائنات العضوية. وهذا المفهوم – الذي يتناقض مع ويتميز عن مفهوم ما قبل التشكيل – يعتبر تطور الكاين العضوي مجرد تشكيل جديد، مستبعدا تماما أي نوع من التشكيل المسبق. أي إمكان أن يكون تطور كائن عضوي ناضج محددا تحديدا مسبقا في الجنين.

للأعلى

 

ما بعد الرياضيات / Metamathematics / Metamathématique

مفهوم يدل على النظرية التي تدرس الصفات المختلفة للأنساق والحسابات الصورية (عدم التناقض، الاكتمال الخ). وقد أخل هيلبرت مصطلح ما بعد الرياضيات فيما يتعلق بمفهومه في أسس الرياضيات (أنظر المذهب الصوري). وفي الماضي كان قد تم التوصل إلى عدد من النتائج الهامة (نظرية جوديل في عدم اكتمال الحساب الصوري وفي استحالة البرهنة على عدم تناقض نسق ما بواسطة الوسائل المصاغة صياغة صورية في مثل هذه الأنساق).

للأعلى

 

ما بعد المنطق / Metalogic / Métalogique

نظرية تدرس أنساق قضايا ومفاهيم المنطق الصوري المعاصر. وهي توضح المشكلات النظرية للبرهان، وإمكانية تحديد مفاهيم الصدق في اللغات الصورية، والتأويل، والمعنى، الخ. وينقسم ما بعد المنطق إلى قسمين: السينتاطيقا (النحو المنطقي) والسيمنطيقا المنطقية. ويرتبط تطور ما بعد المنطق ببناء ودراسة اللغات الصورية. والأعمال الرئسية في هذا الميدان هي أعمال فريجه، وعلماء المنطق البولنديين من مدرسة لفوف – وارسو، وهيلبرت وجوديل، وتارسكي وتشيرتش وكارناب وكيميني، وغيرهم.

للأعلى

 

ما خارج الظاهرة / Epiphenomenon / Epiphénomène

اصطلاح يستخدم لوصف الوعي كانعكاس سلبي للمحتويات المادية (أو المثالية) للعالم. ويستخدمه أنصار المذهب المادي القائم على العلم الطبيعي (ا. هكسلي، وف. بودانتيه) وبعض الفلاسفة المثاليون (ا. هارتمان، وف. نيتشه، وج. سانتايانا).

للأعلى

 

المادة / Matter / Matière

مقولة فلسفية تعني الواقع الموضوعي الذي يوجد مستقلا عن الوعي ومنعكسا فيه. والمادة هي تكثر لانهائي للظواهر الموجودة والأشياء والأنظمة. إنها قوام جميع الخواص والعلاقات والتفاعلات وأشكال الحركة المختلفة. ولا توجد المادة إلا في ضرب لانهائي من الأشكال العينية للتنظيم البنائي، كل منها له خواص وتفاعلات وتعقد في البناء مختلفة. وهي عنصر في نظام أكثر عمومية، ومن ثم لن يكون من الصواب أن ننظر إلى "المادة كمادة" على أنها جوهر أولي غير قابل للتحول خارج أشكالها العينية. وتنكشف الماهية الملازمة للمادة عن طريق خواصها وتفاعلاتها المتنوعة لمعرفة ما هو قائم، لمعرفة المادة نفسها. وكلما كانت المادة أكثر تعقدا كانت روابطها المتبادلة وخواصها أكثر تنوعا واختلافا، وفي أعلى مستوى من التعقد – المستوى الذي يتطابق معه مظهر الكائنات العاقلة – تظهر بعض خواص المادة، مثل الوعي، غير معتادة، ولا تشبه المادة حتى يبدو للوهلة الأولى أنه لا علاقة لها بالمرة بالمادة. ونقل هذا المفهوم إلى مرتبة المطلق، والعجز عن كشف العلاقة بين الوعي والمادة، قد أديا إلى المذاهب المثالية والثنائية المختلفة. ومن وجهة نظر المادية الجدلية يكون التعارض بين الوعي والمادة نسبيا ومشروطا، ولا يكون له معنى إلا في ضوء المشكلة الأساسية للفلسفة فيثار التعارض ويحل ويفقد خارج هذه المشكلة كل معناه المطلق. إن تأثير التحول الفعال للمجتمع يؤدي إلى وجود مجموعات معينة من الأشكال المادية في العالم المحيط (مثل وسائل وأدوات الانتاج والأبنية ومنتجات المركبات الكيماوية والسلع الاستهلاكية وما شابهها بسبب أصلها والشكل التنظيمي للمادة التي تتكون منها). ويتوقف هذا إلى حد ما على وعي الانسان حيث أنها تجسد الخطط التي يضعها الانسان لنفسه. ومع تطور العلم والتقنية سيزداد كم الاشياء المادية، وكذلك خواصها وأشكال التنظيم، وحتى أصل الوجود المتوقف على النشاط الواعي المتحول للانسان الذي يفعل في المواد الطبيعية. والأمر هنا، بالمعنى الذي لاحظه لينين من أن « وعي الانسان لن يعكس العالم الموضوعي فحسب، بل سيخلقه أيضا ». إن الفهم الفلسفي للمادة كواقع موضوعي سيصبح عيانيا، وسيستكمل بآراء العلم الطبيعي عن بنائها وخواصها. وعلى أية حال لن يكون سليما توحيد المادة كمقولة فلسفية بهذه النظرة أو تلك عن بناء المادة، لأن هذه النظرات تتغير في ضوء الاكتشافات العلمية الجديدة، على حين يظل التعريف الفلسفي بلا تغير. ومن الخطأ بالمثل تعريف المادة كمقولة فلسفية بأي من أشكالها المتعينة، مثل الجوهر أو المجال (أنظر الجوهر والمجال) أو بأي من صفاتها، مثل الكتلة أو الطاقة، الخ. إن الفهم المادي الجدلي للمادة يختلف عن الفهم الميتافيزيقي لها، في أنه طبقا للفهم المادي الجدلي لا تعتبر المادة موجودة فحسب موضوعيا ومستقلة عن وعي الانسان، بل تعتبر أيضا مرتبطة ارتباطا لا انفصام له بالحركة والزمان والمكان، وقادرة على التطور الذاتي، بوصفها لانهائية كميا وكيفا في كل مستويات وجودها.

للأعلى

 

المادية / Materialism / Matérialisme

الاتجاه الفلسفي العلمي الوحيد، في مقابل المثالية. ونحن نميز بين نوعين من المادية، الاعتقاد العفوي لكل البشرية في الوجود الموضوعي للعالم الخارجي، والنظرة العلمية الفلسفية الي تعمق المادية وتطورها علميا بصورة تلقائية. وتذهب المادية الفلسفية إلى أن المادة أولية والعقل – أو الوعي – ثانوي. ويتضمن هذا أن العالم أبدي، وأنه لا محدود في الزمان والمكان. والمادية – إذ تذهب إلى أن الوعي نتاج للمادة – تعتبره انعكاسا للعالم الخارجي، ومن ثم تؤكد إمكان معرفة العالم. ولقد كانت المادية – في تاريخ الفلسفة –كقاعدة عامة – نظرة الطبقات والشرائح التقدمية في المجتمع إلى العالم، فقد كانت هذه الطبقات معنية بفهم العالم فهما صحيحا، وزيادة سلطان الانسان على الطبيعة. وقد أجملت المادية منجزات العلم، ومن ثم دعمت نمو المعرفة العلمية وتحسن المناهج العلمية، وقد أثر هذا بدوره تأثيرا إيجابيا على نشاط الانسان العملي، وعلى تطور القوى الانتاجية، وتعرضت المادية نفسها لتغيرات خلال عملية التفاعل بينها وبين العلوم المحسوسة. وقد ظهرت أول النظريات المادية إلى حيز الوجود مع ظهور الفلسفة كنتيجة لتقدم المعرفة العلمية في ميادين الفلك والرياضيات وغيرها من الميادين في المجتمعات العبودية القديمة، فى الهند ومصر والصين واليونان. وكانت السمة العامة للمادية القديمة – التي كانت في معظمها مادية ساذجة – هي الاعتراف بمادية العالم ووجوده المستقل خارج وعي الانسان. وقد حاولت المادية أن تجد في تنوع الظواهر الطبيعية المصدر المشترك لأصل كل ما يوجد أو يحدث (أنظر العنصر). وكان من فضل المادية القديمة أن خلقت فرضية عن البناء الذري للمادة (ليوكيبوس وديمقريطيس). وكان كثير من الماديين القدامى جدليين عفويا، ولكن بعضهم لم يميز تمييزا واضحا بين المادي والنفسي، فكان يعزو كل صفات النفس إلى الطبيعة. وفي تطور المبادئ المادية والجدلية في المادية القديمة كان لا يزال هناك خليط من تأثير الايديولوجية الأسطورية. وفي العصور الوسطى وخلال عصر النهضة ظهرت الاتجاهات المادية في صورة المذهب الأسمى والمذاهب القائلة بوحدة الوجود (أنظر مذهب وحدة الوجود) والتعاليم القائلة بأن الطبيعة والله مشتركان في الأبدية. وتطورت المادية في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر (انظر بيكون وغاليليو وهوبز وغاسندي وسبينوزا ولوك). وقد تطور هذا الشكل من المادية على أساس الرأسمالية الناشئة، والنمو الحادث فى الانتاج والتكنولوجيا والعلم. ولمّا كان الماديون يتحدثون باسم البورجوارية التقدمية – في ذلك الوقت – فقد حاربوا مدرسية العصور الوسطى والسلطة الكنسية، وتطلعوا إلى الخبرة كعلم لهم وإلى الطبيعة كموضوع للفلسفة. وقد تطورت فلسفة القرنين السابع عشر والثامن عشر مصاحبة للتقدم السريع – في ذلك الوقت – للميكانيكا والرياضيات. ونتيجة لهذا كانت المادية الآلية. وكان من سماتها الأخرى. رغبة في تحليل أو تقسيم الطبيعة إلى ميادين وموضوعات للبحث منفصلة وغير مرتبطة ببعضها في كثير أو قليل، ولدراسة هذه الموضوعات دون اعتبار لتطورها. وقد احتلت المادية الفرنسية في القرن الثامن عشر مكانة خاصة في الفلسفة المادية لتلك الفترة (لامتوي وديدرو وهلفيتيوس وهولباخ). وكان الماديون الفرنسيون يلتزمون – على وجه العموم – بالمفهوم الآلي للحركة معتبرين إياها صفة كلية غير قابلة للتغير من صفات الطبيعة، ورفضوا تماما تناقضات نزعة تأليه الطبيعة، التي كانت تميز معظم الماديين في القرن السابع عشر. وكانت الرابطة العضوية القائمة بين كل أنواع المادية والالحادية ظاهرة بشكل خاص عند الماديين الفرنسيين في القرن الثامن عشر. وكانت ذروة التطور في هذا الشكل من المادية في الغرب مادية فيورباخ القائلة بالمذهب الطبيعي في دراسة الانسان. وفي الوقت نفسه كانت خاصية التأمل التي ميزت كل المادية السابقة على الماركسية أكثر وضوحا عند فيورباخ في ذلك الوقت منها عند أي من معاصريه. واتخذت المادية خطوة أخرى إلى الأمام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في روسيا وغيرها من بلاد شرق أوروبا على يد فلسفة الديمقراطيين الثوريين (بيلنسكي وهيرزن وتشيرنيشفسكي ودوبروليوبوف وماركوفيتش وبوتييف وغيرهم) وكانت فلسفة اعتمدت على تقاليد لومونوسوف وراديشيف وغيرهما. وقد ارتفع الديمقراطيون الثوريون في بعض الجوانب فوق الأفق المحدود للمذهب الطبيعي في دراسة الانسان والمنهج الميتافيزيقي. أما أعلى أشكال المادية وأكثرها تماسكا فكان المادية الجدلية التي خلقها ماركس وانجلز في منتصف القرن التاسع عشر، فإنها لم تتغلب فحسب على العيوب السابق ذكرها للمادية القديمة، وإنما تغلبت أيضا على الفهم المثالي للتاريخ الذي كان شائعا لدى كل ممثلي المادية القديمة. ثم انقسمت المادية في تطورها اللاحق إلى اتجاهين رئيسيين: المادية الجدلية والتاريخية من ناحية، وعدد من أنواع المادية الي اكتسبت طابعا مبسطا وساذجا، من ناحية أخرى. وكان أكثر هذه الأنواع تمثيلا لها المادية الساذجة التي انجذبت نحو النزعة الوضعية، وإلى هذه النزعة أيضا انجذبت تلك الأنواع من المادية الساذجة التي ظهرت مع نهاية القرن الماضي كتحريف للمادية الجدلية (التحريفية الآلية للماركسية وغير ذلك). وخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر أثبتت الأشكال الناضجة للمادية أنها لا تتفق مع المصالح الطبقية الضيقة للبورجوازية. فقد كان الفلاسفة البورجوازيون يعتقدون أن دعاة المادية غير أخلاقيين، وأنهم لم يفهموا طبيعة الوعي، وكانوا يوحدون بين المادية وأشكالها البدائية. وفي الوقت الذي نبذ بعض هؤلاء الفلاسفة الإلحاد المتماسك والتفاؤل النظري المعرفي، اضطروا للتسليم ببعض عناصر النظرة المادية للعالم حتى يلبوا مصالح تطور الانتاج والعلم الطبيعي. ومن ناحية أخرى فإن عددا غير قليل منهم – ممن أدلوا ببيانات في صالح المثالية أو ابتعدوا عن "كل الفلسفات" بطريقة وضعية – اتخذوا الموقف المادي في دراسة البحث العلمي الخاص (مثال المادية التاريخية الطبيعية عند هيكيل وبولتسمان). وقد تحول بعض العلماء البارزين من المادية العلمية الطبيعية إلى المادية الواعية، وتحولوا في خاتمة المطاف إلى المادية الجدلية (لانجفان وجوليو كوري وكوتاربنسكي وباناجيدا ولامونت وغيرهم). ومن الخصائص الهامة لتطور المادية الجدلية أثراؤها بالأفكار الجديدة عن قوة نقد الأشكال المعاصرة للمثالية، ونقاط الضعف الكثيرة في نظريات الماديين الطبيعيين. ويتطلب التطور المعاصر للعلم أن يصبح العالم الطبيعي ملتزما واعيا بالمادية الجدلية. وفي الوقت نفسه فإن التطبيق التاريخي الاجتماعي والعلم يتطلبان التقدم المستمر في الفلسفة المادية.

للأعلى

 

المادية الاقتصادية / Economic Materialism / Matérialisme Economique

مفهوم أحادي الجانب للتاريخ يعتبر الاقتصاد القوة الوحيدة في التطور الاجتماعي. وهي لا تعرف بأهمية السياسة والمؤسسات السياسية والأفكار والنظريات في العملية التاريخية. وقد نشأت المادية الاقتصادية نتيجة لاضفاء طابع فج على الفهم المادي للتاريخ. وكان من أنصار المادية الاقتصادية أ- برنشتاين في الغرب و"الماركسيون الشرعيون" والاقتصاديون في روسيا. وتختلف المادية التاريخية إختلافا أساسيا عن المادية الاقتصادية. فالمادية التاريخية تعتقد أن الانتاج المادي هو القوة الدافعة الرئيسية للتقدم الاجتماعي، وتفسر نشوء المؤسسات السياسية والأفكار والنظريات في إطار البناء الاقتصادي للمجتمع وظروف حياته المادية. وتؤكد المادية التاريخية في الوقت نفسه الأهمية الهائلة لدور المؤسسات السياسية والأفكار والنظريات في التطور الاجتماعي (أنظر الاقتصاد والسياسة).

للأعلى

 

المادية التاريخية / Historical Materialism / Matérialisme Historique

جزء مكون للفلسفة الماركسية اللينينية، وهي العلم الذي يدرس القوانين العامة للتطور الاجتماعي وأشكال تحققه في نشاط الناس التاريخي. فالمادية التاريخية هي علم الاجتماع العلمي الذي يشكل الأساس النظري والمنهجي للأبحاث الاجتماعية المحددة ولكل العلوم الاجتماعية. ولقد كان جميع الفلاسفة السابقين على الماركسية – بما فيهم الفلاسفة الماديون – مثاليين في فهمهم للحياة الاجتماعية، بقدر عدم تجاوزهم لملاحظة حقيقة أنه بينما تعمل في الطبيعة قوى عمياء، فإنه في المجتمع يسلك الناس الذين هم كائنات ذكية مهتدين بدوافع مثالية. وقد لاحظ لينين في هذا الصدد أن نفس فكرة المادية في علم الاجتماع كانت ضربة عبقرية. وقد أحدث تطور المادية التاريخية ثورة أساسية في الفكر الاجتماعي. فأصبح في الإمكان تشكيل نظرة مادية متماسكة – للعالم ككل – المجتمع والطبيعة على السواء من ناحية، ومن ناحية أخرى كشف الأساس المادي للحياة الاجتماعية والقوانين التي تحكم تطورها، وبالتالى تطور الجوانب الأخرى للحياة الاجتماعية التي يحددها هذا الأساس المادي. وقد أكد لينين أن ماركس أوضح فكرته الأساسية عن العملية التاريخية للتطور الاجتماعي، كعملية يحكمها القانون، بأن أفرد المجال الاقتصادي عن كل مجالات الحياة الاجتماعية الأخرى المختلفة. وأفرد علاقات الانتاج عن جميع العلاقات الاجتماعية، باعتبارهما العاملين الأساسيين اللذين يحددان كل ما عداهما. وتتخذ الماركسية نقطة انطلاقها مما يكمن في أساس كل مجتمع إنساني، أي طريقة الحصول على وسائل العيش، وتقيم الصلة بين هذه الطريقة والعلاقات التي يدخل فيها الناس في عملية الانتاج. وهي ترى في نسق هذه العلاقات الانتاجية الأساس والقاعدة الحقيقية لكل مجتمع، عليها يرتفع بناء فوقي سياسي وقانوني واتجاهات مختلفة للفكر الاجتماعي (أنظر القاعدة والبناء الفوقي)، ويخضع كل نسق للعلاقات الانتاجية يقوم في مرحلة معينة من تطور القوى الانتاجية للقوانين العامة المشتركة بين كل الانظمة، ويخضع أيضا للقوانين الخاصة الكامنة في كل نظام واحد، والتي تحدد كيف يقوم هذا النسق ويؤدي وظائفه وينتقل إلى شكل أعلى. لقد أجملت المادية التاريخية تصرفات الناس داخل إطار كل تشكيل اقتصادي اجتماعي – وهي تصرفات متنوعة ومنفردة بصورة لانهائية وغير قابلة للتأثر فيما يبدو بالحساب والتنظيم – وردت المادية التاريخية تصرفات الناس هذه إلى تصرفات الجماهير الضخمة، وبالنسبة للمجتمع الطبقي ردتها إلى تصرفات الطبقات التي تعبر عن الحاجات الملحة للتطور الاجتماعي. وقد أزال اكتشاف المادية التاريخية العيبين الرئيسيين في كل نظريات علم الاجتماع السابقة على الماركسية. فقد كانت هذه النظريات – في المحل الأول – نظريات مثالية، أي أنها كانت تقتصر على دراسة الدوافع الايديولوجية للنشاط الانساني، ولا تدرس الأسباب المادية التي أحدثت هذه الدوافع. وثانيا فإن هذه النظريات كانت لا تدرس إلا دور الشخصيات البارزة في التاريخ، ولم تكن تبحث تصرفات الجماهير، الصانعة الحقيقية للتاريخ. وقد برهنت المادية التاريخية على أن العملية التاريخية الاجتماعية تحددها عوامل مادية. وعلى النقيض من النظريات المادية الفجة، التي تنكر دور الأفكار والمؤسسات والتنظيمات السياسية وغير السياسية، تؤكد المادية التاريخية تأثيرها – بأثر رجعي – على الأساس المادي الذي أنتجها. وتشكل المادية التاريخية الأساس التاريخي العلمي للماركسية، الذي يسلح الأحزاب الماركسية اللينينية والطبقة العاملة وكل الشعب العامل، بالمعرفة بالقوانين الموضوعية التي تحكم تطور المجتمع، وتسلحه بفهم لدور العامل الذاتي والوعي وتنظيم الجماهير، وهو ما يستحيل بدونه إدراك القوانين التاريخية. وقد شرح ماركس وانجلز السمات الرئيسية للمادية التاريخية لأول مرة في كتاب "الايديولوجية الألمانية". وقدم ماركس صيغة كلاسيكية لماهية المادية التاريخية في مقدمة كتاب "نقد الاقتصادالسياسي" (1859). ولكن المادية التاريخية أصبحت "مرادفا للعلم الاجتماعي" فقط عندما نشر "رأس المال". وتتطور المادية التاريخية وتزداد ثراء بالضرورة – مع تطور التاريخ وتراكم الخبرة الجديدة – شأنها في ذلك شأن الماركسية ككل.

للأعلى

 

المادية التاريخية الطبيعية / Natural-Historical Materialism / Matérialisme Historique Naturel

أو المادية العلمية، وهما المفهومان اللذان يستخدمهما لينين لتعريف « الاعتقاد اللاشعوري – من الناحية الفلسفية – والعفوي الذي تشارك فيه الأغلبية الساحقة من العلماء فيما يتعلق بالوجود الموضوعي للعالم الخارجي ». ويدل قبول العلماء للمادية التاريخية الطبيعية بوجه عام على أن إدراك الطبيعة يودي إلى إدراك مادية العالم. وإذا كانت المادية التاريخية الطبيعية لم تتشكل كنظرية متماسكة فإنها لا تفلت – مع ذلك – من حدود المادية الآلية الميتافيزيقية الأحادية الجانب، وتتحول إلى صورة فجة من التجريبية والوضعية، وتصبح حدودها أشد وضوحا في الفترات التي تكتسب فيها النظريات العلمية طابعا ثوريا. ففي مثل هذه الأوقات تعجز المادية التاريخية الطبيعية عن تفسير الواقع الجديد للمعرفة، إذا تعارضت مع الآراء القائمة. ولهذا السبب فإن الصعوبات التي تقف في طريق تفسير الوقائع العلمية الجديدة، غالبا ما تؤدي بالعلماء إلى التخلي عن معتقداتهم المادية العفوية وتأييد المثالية (أنظر المثالية). أما التعميم الفلسفي الصحيح للنتائج التي تتوصل إليها العلوم المتخصصة فلا يمكن أن يتم إلا من وجهة نظر الفلسفة المادية الجدلية.

للأعلى

 

المادية الجدلية / Dialetical Materialism / Matérialisme Dialectique

النظرة العلمية الفلسفية للعالم، وهي جزء مكون للمذهب الماركسي، وأساسه الفلسفي، وقد وضع ماركس وانجلز المادية الجدلية وطورها لينين وغيره من الماركسيين، وقد نشأت في الأربعينات من القرن التاسع عشر، وتطورت مرتبطة بالتقدم العلمي وبمسيرة الحركة العمالية الثورية. وكان ظهورها ثورة في تاريخ الفكر الانساني وتاريخ الفلسفة. ولكن هذه الثورة انطوت على استمرار وقبول نقدي لكل العناصر المتقدمة والتقدمية التي حصلها الفكر الانساني بالفعل. وقد امتزج المجريان الرئيسيان للتطور الفلسفي السابق في المادية الجدلية، وأثراهما التناول الجديد والنظرة العامة العلمية العميقة. فقد حدث – من ناحية – تطور للفلسفة المادية التي ترجع إلى الماضي البعيد، وحدث تطور – من ناحية أخرى – للنظرة الجدلية التي لها هي الأخرى تراث عميق الجذور في تاريخ الفلسفة. وقد أدى تطور الفكر الفلسفي في إرتباط وثيق بالعلم، والمسار التاريخي للانسانية، – على نحو حتمي – إلى انتصار النظرة المادية. ولكن على الرغم من البصيص من أضواء الجدل فإن مذاهب الماديين القدامى كانت إما ميتافيزيقة أو آلية، وكانوا يربطون المثالية في نظرتهم للطبيعة بالمثالية في تفسيرهم للظواهر الاجتماعية. فقد كان الفلاسفة الذين طوروا النظرة الجدلية مثاليين في جوهرهم، كما يبدو من مذهب هيغل. إلا أن ماركس وانجلز لم يقتصرا على استعارة تعاليم الماديين القدامى وجدل المثاليين. ولم يقوما بمجرد عملية تركيب للاثنين، وإنما انطلقا من آخر الاكتشافات في العلم الطبيعي ومن الخبرة التاريخية للانسانية، وأثبتا أن المادية لا يمكن أن تكون علمية ومتماسكة إلا إذا كانت جدلية، وأن الجدل – بدوره – لا يمكن أن يكون علميا على الأصالة إلا إذا كان ماديا. وقد كان ظهور نظرة عامة علمية إلى التطور الاجتماعي وقوانينه (أنظر المادية التاريخية) عنصرا جوهريا للغاية في تكوين المادية الجدلية. إذ كان من المستحيل إلحاق الهزيمة بالمثالية في آخر ملجأ لها – في تفسير جوهر المجتمع الانساني – دون النظرة المادية الجدلية، وإنما كان من المستحيل بالمثل خلق نظرة فلسفية متماسكة للعالم، وتفسير قوانين المعرفة الانسانية، دون تناول مادي للمجتمع، ودون تحليل للممارسة التاريخية الاجتماعية، وفوق كل شيء تحليل الانتاج الاجتماعي باعتباره أساس الوجود. وقد حل مؤسسا الماركسية هذه المشكلة. ومن ثم ظهرت المادية الجدلية كمركب فلسفي مؤثر يشمل مجموع الظواهر الطبيعية وظواهر المجتمع الانساني والفكر الانساني، ويتضمن منهجه الفلسفي في تفسير وتحليل الواقع فكرة القيام بعملية إعادة بناء ثورية عملية للعالم. وهذه الحقيقة الأخيرة ميزت المادية الجدلية عن الفلسفة القديمة، التي كانت تقتصر في الأساس على تفسير العالم، وكان هذا يعكس الجذور الطبقية للفلسفة الماركسية، باعتبارها النظرة العامة إلى العالم لأكثر الطبقات ثورية، وهي الطبقة العاملة، ومهمتها الخاصة ببناء المجتمع اللاطبقي، المجتمع الشيوعي. وقد كان ظهور المادية الجدلية في جوهره نقطة الذروة في العملية التاريخة التي بها أصبحت الفلسفة علما مستقلا له موضوع بحث نوعي. ويشمل هذا الموضوع أشد القوانين تعميما التي تحكم تطور الطبيعة والمجتمع والفكر والمبادئ والأسس العامة للعالم الموضوعي وانعكاسه في الوعي الانساني، وهو يؤدي إلى التناول العلمي السليم للظواهر والعمليات، أي إلى منهج لتفسير ومعرفة وإعادة بناء الواقع. إن القول بأن العالم مادي وأنه لا شيء في العالم بجانب المادة وقوانين حركتها وتغيرها، هو حجر الزاوية في المادية الجدلية. فهي عدو صارم غير متصالح لكل مفاهيم الماهيات التي تتجاوز الطبيعة، بصرف النظر عن الأردية الي يضعها عليها الدين أو الفلسفة المثالية. إن الطبيعة تتطور بالغة أعلى أشكالها، بما فيها المادة الحية والمفكرة، عن طريق أسباب كامنة فيها نفسها وفي قوانينها، وليس بفعل أية قوة تتجاوز الطبيعة. وتحدد النظرية الجدلية في التطور (أنظر الجدل) – وهي جزء من المادية الجدلية – القوانين العامة التي تحكم عملية حركة المادة وتحولها، والانتقال من الاشكال الدنيا إلى الاشكال العليا للمادة، وتتفق مع المادية الجدلية، اتفاقا كاملا، النظريات الفيزيائية المعاصرة فيما يتعلق بالمادة والمكان والزمان، وهي النظريات التي تعترف بقابلية المادة للتحول، وقدرة الجسيمات المادية التي لا تنفد على التحولات الكيفية. والأكثر من هذا أن المادية الجدلية هي المصدر الوحيد الممكن للأفكار الفلسفية وللمبادئ المنهجية الي تتطلبها هذه النظريات الفيزيائية. وينطبق هذا على العلوم التي تبحث ظواهر الطبيعة الأخرى. وتؤكد الممارسة التاريخية المعاصرة مبادئ المادية الجدلية، لأن العالم يتحول بصورة حادة عن الاشكال القديمة، التي فات أوانها، من أشكال الحياة الاجتماعية إلى أشكال جديدة هي الاشكال الاشتراكية. وتربط المادية الجدلية التعاليم بشأن الوجود، وبشأن العالم الموضوعي، بالتعاليم عن انعكاسه في العقل الانساني، وتشكل بهذا نظرية في المعرفة والمنطق. ويقوم التقدم الجديد جدة أساسية الذي أحرزته المادية الجدلية في هذا المجال – والذي أمد نظرية الادراك بأساس علمي متين – على الممارسة وقد أدخلت في نظرية المعرفة. « ان كل جوانب الغموض التي تفضي بالنظرية إلى التصوف تحل بطريقة عقلية في الممارسة الانسانية وفي فهم هذه الممارسة » (ماركس). وقد طبقت المادية الجدلية النظرية الجدلية في التطور على الادراك، وأثبتت الطبيعة التاريخية للمفاهيم الانسانية، وكشفت العلاقة المتبادلة بين النسبي والمطلق في الحقائق العلمية، وأوضحت مسألة المنطق الموضوعي للادراك (أنظر المنطق والجدل والادراك)، والمادية الجدلية علم متطور. فإن كل اكتشاف رئيسي في العلم الطبيعي والتغيرات التي تحدث في الحياة الاجتماعية تفيد في دعم وتطويرمبادئ وقضايا المادية الجدلية، التي تستوعب الدليل العملي الجديد والخبرة التاريخية للانسانية. والمادية الجدلية هي الأساس الفلسفي لبرامج الاحزاب الشيوعية واستراتيجيتها وتكتيكاتها وكل أنوع نشاطها.

للأعلى

 

المادية الساذجة / Vulgar Materialism / Matérialisme Vulgaire

اتجاه في فلسفة القرن التاسع عشر، كان يبالغ في تبسيط المبادئ الاساسية للمادية. وقد أدى إليها التطور السريع للعلم الطبيعي – حيث كان كل اكتشاف جديد يحطم المفاهيم المثالية والدينية السائدة، ومن ثم ظهرت المادية الساذجة كرد فعل ايجابي ازاء الفلسفة المثالية، وخاصة الفلسفة الألماية الكلاسيكية، بفعل المادية التلقائية للعلم الطبيعي. وقد بذل أنصار المادية الساذجة – مثل فوغت وبوخنر ومولشوت – كل محاولة لنشر نظريات العلم الطبيعي الجارية التي كانوا

للأعلى

 

المادية الفرنسية في القرن الثامن عشر / French 18th Century Materialism / Matérialisme Français du 18ème Siècle

حركة ايديولوجية تمثل مرحلة جديدة وأعلى في تطور الفكر المادي على نطاق قوي وعالمي أيضا بالمقارنة بمادية القرن السابع عشر. وعلى النقيض من مادية القرن السابع عشر الانجليزية – التي كانت تعكس إلى حد كبير توفيقا بين البورجوازية والنبلاء – فإن المادية الفرنسية كانت نظرة البورجوازية الفرنسية التقدمية، وكان منهجهم يرمي إلى تنوير وتسليح قطاع عريض من المجتمع تسليحا ايديولوجيا – وهو قطاع البورجوازية والحرفيين والمثقفين البورجوازيين والقسم التقدمي من طبقة المثقفين الارستقراطية. وقد شرح كبار الماديين الفرنسيين لاميتري وهلفيتيوس وديديرو وهولباخ آراءهم الفلسفية؛ لا في رسائل مكتوبة باللاتينية، وإنما في مطبوعات ميسورة المنال مكتوبة بالفرنسية – القواميس ودوائر المعارف والكتيبات والمقالات الخلافية وغيرها. وقد كانت المصادر الايديولوجية للمادية الفرنسية هي التراث المادي القومي الذي كان يمثله في القرن السابع عشر غاسندي، وكانت تمثله أساسا مادية ديكارت الآلية الميتافيزيقية، والمادية الانجليزية. وكان مما له أهمية خاصة نظرية لوك في الخبرة كمصدر للمعرفة، ونقد النظرية الديكارتية في الافكار الفطرية، كذلك فهم الخبرة بصفتها هذه، وكان فهما ماديا في كليته. وقد مارست أفكار لوك التربوية والسياسية تأثيرا لا يقل عن تأثيرها ذلك. فقد كان يعتقد أن كمال الفرد تحدده الترية والبناء السياسي للمجتمع. ولكن المادية الفرنسية لم تتمثل فحسب نظرية لوك في الحسية والتجريبية المادية، ولكنها كانت تنبذ التذبذب نحو المذهب العقلاني الديكارتي، وقد أصبحت علوم الطب والنفس والأحياء – جنبا إلى جنب مع علم الميكانيكا الذي احتفظ بأهميته الأولى – الأساس العلمي للماديين الفرنسيين. ولهذا السبب، فإن نظريات الماديين الفرنسيين كانت تتضمن أفكارا جديدة كثيرة بالمقارنة بمادية القرن السابع عشر. وكان أهم هذه الأفكار عناصر الجدل في تعاليم ديدرو في الطبيعة. كذلك كانت النظريات الأخلاقية والنظريات السياسية الاجتماعية للمادية الفرنسية على درجة عالية من الأصالة. فقد طورت المادية الفرنسية – في هذا المجال – أفكار هوبز وسبينوزا ولوك، فخلصت مذاهبهم الأخلاقية وآراءهم السياسية الاجتماعية – إلى حد بعيد – من حدودها المجردة الطبيعية. فعلى النقيض من هوبز – الذي كان يستنبط سعي الإنسان من أجل الحفاظ على الذات من مقارنته بالتصور الذاتي للآلة لجسم مادي – كان هلفتيوس وهولباخ يعتبران هذا "الاهتمام" دافعا إنسانيا نوعيا من دوافع  السلوك. وقد رفضت المادية الفرنسية الأشكال التوفيقية من مذاهب وحدة الوجود والمذهب الطبيعي الالهي. وقد قدم ماركس مقالا مختصرا وعميقا لتاريخ المادية الفرنسية في كتاب "العائلة المقدسة". وبين لينين في كتابه "المادية والتجريبية النقدية" مدى عظمة الدور الذي قامت به المادية الفرنسية في بلورة المبادئ الفلسفية لأي مادية، كذلك برهن على جوانب قصورها النظرية وطبيعتها الميتافيزيقية ومثاليتها في تفسير التطور الاجتماعي.

للأعلى

 

المالتوسية / Malthusianism / Malthusianisme

نظرية غير علمية أسسها رجل الكنيسة الانجليزية مالتوس (1766-1834) الذي كان يزعم أن تعداد السكان يتزايد بمتوالية هندسية بينما تنمو وسائل العيش بمتوالية حسابية فقط. وعند مالتوس ان التفاوت الناشئ بين حجم وسائل العيش وحجم السكان تسويه الحروب والأوبئة والحد من الزواج، وغير ذلك من وسائل السيطرة على نمو السكان. وكان يقول أن الزيادة المفرطة في السكان – نسبيا – قانون بيولوجي. ويرى بعض أنصار مالتوس المعاصرين (ج. ف. ماكليري وغيره) أن سبب نمو هذا التفاوت أن أسعار السلع الغذائية « منخفضة جدا »، بينما أجور العمال « عالية ». وتفيد فلسفة مالتوس في تبرير الاستغلال الرأسمالي وسياسات الاستعمار. وبينما كانت فلسفة مالتوس التقليدية ترى أن معدلات المواليد المفرطة هي السبب في زيادة السكان، فإن فلسفة مالتوس الجديدة ترى أن السبب هو معدلات الوفاة « المنخفضة إلى حد يجعلها غير كافية »، والناشئة عن منجزات العلوم الطبية. بينما قال ماركس وانجلز أن زيادة السكان والفقر الملازم للجماهير ناشئان عن النظام الرأسمالي وأوضحا أن نظرية مالتوس نظرية رجعية ولا يمكن الدفاع عنها كلية. ويفضي تقدم العلم والتكنولوجيا إلى نمو هائل في القوى الانتاجية بحيث أن حصيلة الانتاج الاجتماعي تنمو أسرع كثيرا من نمو السكان. وقد بينت تجربة البلاد الاشتراكية الطابع الانتقالي التاريخي لتزايد تعداد السكان. ويتم التوصل إلى زيادة إنتاج الأغذية على أساس من التقدم التكنولوجي والزراعي، الذي يتيح إمكانية صنع وفرة من المواد الغذائية للسكان الذين يتزايدون بصورة سريعة وليس مجرد الكفاية من هذه المواد.

للأعلى

 

مبحث الاجتماع الإنساني / Anthroposociology / Anthroposociologie

نظرية عنصرية رجعية، تزيف حقائق علم الإنسان (الانثروبولوجيا)، وتقيم صلة مباشرة بين المركز الاجتماعي للأفراد وجماعات الأفراد، وبين الخصائص التشريحية والفسيولوجية للانسان (حجم وشكل الجمجمة، والطول، ولون الشعر، الخ.) وتفحص الظواهر الاجتماعية من هذه الوجهة للنظر. أسسها ج. ف. لابوج (1854-1936) الذي قبـِل وطوّر نظرية ج. غوبينو (1816-1882) العلمية الزائفة القائلة بأن الآريين هم الجنس الأعلى والأرستقراطي، وأن النبلاء والبورجوازيين ينتمون لهذا الجنس . ويصور مبحث الاجتماع الانساني الصراع الطبقي على أنه صراع بين الأجناس، ويصور نمو حركة تحرير العمال على أنها نكوص يحدثه نقص العنصر الآري، وكان لابوج يبيّن أن إجراءات تحسين النسل القادرة على التقليل من "الجماهير القلقة" إجراءات ضرورية. وكان مبحث الاجتماع الانساني أحد الأسلحة الايديولوجية للنازيين الألمان، ويوصي به أصحاب النزعة العنصرية في يومنا الحاضر.

للأعلى

 

مبحث السيمنطيقا العامة (مدلولات الألفاظ) / General Semantics / Sémantique Générale

تيار في الوضعية الجديدة ظهر في الولايات المتحدة في الثلاثينات من القرن الحالي. وكان ألفرد كورجيبسكي مؤسس السيمنطيقا العامة. وفي الوقت الحاضر فإن الجمعية الدولية للسيمنطيقا العامة – التي تأسست في شيكاغو عام 1942 – وكذلك معهد السيمنطيقا العامة – الذي نظم في ليكفيل (بالولايات المتحدة الأمريكية ) عام 1947 – يؤديان دور المركزين التنظيميين للسمنطيقا العامة. وصحيفة E. T. C. – التي بدأت الظهور في شيكاجو عام 1943 – هي الناطق الرسمي باسم السيمنطيقا العامة. ويرمز اسم هذه الصحيفة – في رأي مؤسسيها – إلى فهم السيمنطيقا العامة للعالم على أنه في حالة تغير أبدي ولحظي واستحالة تمثله بطريقة ملائمة. والدعاة الرئيسيون للسمنطيقا العامة – بالاضافة إلى كورجيبسكي – هم س. هاياكاوا، وأناتول رابوبورت، وستيوارت تشيز. وقد صاغ كورجيبسكي المصادرات الرئيسية للسيمنطيقا العامة وكذلك موضوع دراستها في كتابه « العلم والعقل ». والسيمنطيقا العامة – في رأيه – ليست فلسفة ولا علما للنفس ولا هي منطق بالمعنى المألوف للكلمة. أنما هي موضوع جديد يقوم على أساس العلاقات بين الناس، يكفل إستخداما أكثر كفاءة للجهاز العصبي للانسان. ويتناول كورجيبسكي علاقة الإنسان بالواقع الموضوعي بطريقة غير علمية، بروح المثالية الذاتية. والمبادئ الأساسية للسمنطيقا العامة هي مبدأ عدم الهوية، ومبدأ عدم الاكتمال، ومبدأ الانعكاس الذاتي. ويتعين أن تكون هذه المبادئ أساس التوجيه الجديد للإنسان في العالم الخارجي. وهي تدل على أنه يتعين على الإنسان في حياته اليومية ألا يوحد بين الكلمات والأشياء، وألا يفترض أن شيئا ما يمكن معرفته بصورة تامة، ويتعين عليه – أخير – أن يأخذ في الحسبان الحقيقة القائلة بأن اللغة لا تعكس الموضوعات الخارجية فحسب، بل الإنسان نفسه أيضا. ويسعى بعض باحثي السيمنطيقا العامة – برفع أهمية اللغة كوسيلة اتصال إلى مستوى الأهمية المطلقة – إلى تفسير كل المشكلات الحيوية – بما فيها أصل الحروب والتوترات الدولية – على أنها عواقب الاستخدام غير السليم للغة. وهم ينكرون المحتوى الموضوعي للمفاهيم العلمية العامة التي لا يمكن بلوغها بوسائل التحقق الحسية المباشرة. وقد اتخذت السيمنطيقا العامة في السنوات الأخيرة اتجاها معاديا للماركسية ومعاديا للمادية بشكل نهائي، رغم أن أنصارها ينكرون بكل حدة أن نظريتهم تشكل فلسفة.

للأعلى

 

مبحث الفعليات / Pragmatics / Pragmatik

فرع من نظرية الإشارة.

للأعلى

 

مبحث القيم / Axiology / Axiologie

ذلك الفرع من الفلسفة الذي يتناول القيم. وتتعارض النظرية الماركسية في القيم تعارضا أساسيا مع مبحث القيم البورجوازي، الذي تشكل في بداية القرن العشرين (ريكرت و م. شيلر وغيرهما)، والذي يتجاهل – كقاعدة عامة – الطبيعة الاجتماعية للقيم. ومن ثم فإن المنظرين غير الماركسيين يتوصلون إلى نتائج مثالية ذاتية، أو مثالية موضوعية في مبحث القيم. فالوضعيون الجدد – على سبيل المثال – ينكرون تماما الوجود الواقعي لقيم الملكية في الشيء، مؤكدين أن الخيّر والجميل مجرد تعبيرين عن موقعنا الذاتي إزاء الشيء الذي نقيّمه. والمثاليون الموضوعيون يعتبرون القيمة نوعا من الكيان الفائق للطبيعة، ينتمي إلى عالم يتجاوز المكان ويتجاوز الحواس. أما التناول الماركسي لنظرية القيم فيقوم أولا على أساس الاعتراف بالطابع الموضوعي للقيم الاجتماعية والعلمية والأخلاقية والجمالية وغيرها، ويقوم ثانيا على أساس نفي كون القيم بطبيعتها خارج التاريخ، وفهم ارتهانها بالظروف التاريخية والعلاقات الطبقية، الخ. ويقوم ثالثا على الأخذ بعين الاعتبار العلاقات الجدلية بين النسبي والمطلق في تطور القيم. ومن وجهة النظر الماركسية يشكل الإنسان والسعادة الإنسانية والحرية، التي تتحقق كلها بالنضال ضد كل أشكال القهر

للأعلى

 

مبحث المعرفة (الابستمولوجيا) / Epistemology / Epistémologie

اصطلاح مستخدم في اتجاهات الفلسفة البورجوازية الانجليزية والأمريكية، وعلى نحو أقل في الفلسفة الفرنسية، وبعض اتجاهات الفلسفة الألمانية. ويُعزى ادخال هذا الاصطلاح إلى الفيلسوف الاسكتلندي ج. ف. فيريير (« سنن الميتافيزيقا » - 1854) الذي قسم الفلسفة إلى مبحث الوجود (الأنطولوجي) ومبحث المعرفة الابستمولوجي. والابستمولوجيا هي نظرية المعرفة، وهي قسم هام من النظرية الفلسفية، وهي نظرية في مقدرة الإنسان على معرفة الواقع، ومصادر وأشكال ومناهج المعرفة الحقيقية، ووسائل بلوغها. وتناول المسألة الأساسية في الفلسفة هو نقطة البداية في مبحث المعرفة. ويعترف مبحث المعرفة المادي بأن العالم موضوعي ويمكن معرفته، إلا أن المادية فيما قبل الماركسية كانت تأملية، فهي لم تكن تدرك الدور الحاسم الذي يلعبه النشاط الانتاجي الاجتماعي للناس في تطور المعرفة. وكانت تنظر إلى المعرفة من زاوية ميتافيزيقية. أما مبحث المعرفة المثالي فيؤكد أن المعرفة إنعكاس لفكرة صوفية (أنظر المثالية الموضوعية) إذ أن العالم يخلق خلال عملية الإدراك الحسي لأن الأشياء "مركبات أحاسيس" (أنظر المثالية الذاتية)، أو فإنه ينكر تماما أن العالم يمكن معرفته (أنظر اللاأدرية). وقد قدمت الفلسفة الماركسية مبحثا في المعرفة علميا على الأصالة. فإن الجدل المادي – الذي يمضي إلى جذور القوانين العامة للغاية التي تحكم تطور الطبيعة والمجتمع والفكر – يقدم نظرية المعرفة العلمية الوحيدة. وهي « تضم ما يطلق عليه الآن نظرية المعرفة، أو الابستمولوجيا التي ينبغي – أيضا – أن تنظر إلى موضوعها تاريخيا، وأن تدرس وأن تعمم أصل المعرفة وتطورها، والانتقال من اللامعرفة إلى المعرفة » (لينين) (أنظر أيضا المعرفة، النظرية والممارسة، نظرية الإنعكاس).

للأعلى

 

مبحث الوجود (الأنطولوجيا) / Ontology / Ontologie

1- في الفلسفة السابقة على الماركسية، كان مبحث الوجود، أو "الفلسفة الأولى"، نظرية الوجود بشكل عام، الوجود بما هو موجود، مستقلا عن أشكاله الخاصة. وبهذا المعنى فإن مبحث الوجود معادل للميتافيزيقا، فهو نسق من التعريفات الكلية التأملية في الوجود. وكان أرسطو أول من أدخل مفهوما عن مثل هذه النظرية. وفي أواخر العصور الوسطى استخدم الفلاسفة الكاثوليكيون الفكرة الأرسطية في الميتافيزيقا لبناء نظرية في الوجود تصلح كبرهان فلسفي على حقائق الدين. وتطور هذا التيار في أتم صوره في مذهب توما الأكويني الفلسفي اللاهوتي. ومنذ القرن السادس عشر أصبح مبحث الوجود يفهم على أنه جزء خاص من الميتافيزيقا، والنظرية في البناء فوق الحسي وغير المادي لكل شيء موجود. وقد سلك هذا المصطلح الفيلسوف الألماني رودلف جوكلينيوس (1613). ولكن فكرة مبحث الوجود إتخذت شكلها النهائي في فلسفة وولف التي فقدت كل صلة بمضمون العلوم العينية وأقامت مبحث الوجود إلى حد كبير على التحليل الاستنباطي والنحوي المجرد لمفاهيمها (الوجود، الإمكان والواقع، الكم والكيف، الجوهر والعرض، العلة والمعلول، الخ.). وظهر اتجاه معارض لهذا في النظريات المادية عند هوبز وسبينوزا ولوك، وعند ماديي القرن الثامن عشر الفرنسيين، كنتيجة للمضمون الوضعي لهذه النظريات، التي كانت تقوم على أساس العلوم التجريبية، وقد أدى ذلك إلى تدمير موضوعي لمفهوم مبحث الوجود كموضوع فلسفي من أسمى المراتب، أي بوصفه "فلسفة أولى". وكان نقد المثاليين الكلاسيكيين الألمان (كانط وهيغل وغيرهما) لمبحث الوجود نقدا ثنائيا: فقد اعتبروا مبحث الوجود – من ناحية – لغوا وخاليا من أي معنى؛ ومن ناحية أخرى فإن هذا النقد انتهى إلى طلب قيام مبحث وجود جديد أكثر كمالا (هو الميتافيزيقا) أو الاستعاضة عنه بالفلسفة المتعالية (كانط) أو بمذهب في المثالية المتعالية (شيلنغ) أو بالمنطق (هيغل). وقد أرهص مذهب هيغل بشكل مثالي من فكرة وحدة مبحث الوجود (الجدل) والمنطق ونظرية المعرفة، وأشار إلى مخرج من إطار البناءات الفلسفية التأملية إلى معرفة وضعية حقيقيه بالعالم (انجلز).

2- جرت محاولات لإقامة "مبحث وجود جديد" على أساس مثالي موضوعي في القرن العشرين كرد فعل إزاء انتشار التيارات المثالية الذاتية (أنظر الكانطية الجديدة، والوضعية). وفي النظريات الجديدة في مبحث الوجود (مبحث الوجود "المتعالي" عند هوسيرل، ومبحث الوجود "النقدي" عند ن. هارتمان، ومبحث الوجود "الأساسي" عند هايدغر. يعتبر مبحث الوجود نسقا من المفاهيم الكلية في الوجود متصورة بمساعدة حدس فوق الحواس وفوق العقل. وقد تلقف فكرة "مبحث وجود جديد" عدد من الفلاسفة الكاثوليكيين الذين يحاولون "تركيب" مبحث الوجود "التقليدي" النابع من فلسفة أرسطو مع الفلسفة الكانطية المتعالية واستخراج مبحث وجود خاص بهم ضد فلسفة المادية الجدلية.

للأعلى

 

لمبدأ / Principle / Principe

فكرة رئيسية، والقاعدة الأساسية للسلوك. في الفلسفة القديمة المبكرة كان الماء والهواء والنار والتراب تؤخذ على أنها العناصر الأولى. وكان المبدأ يعتبر التعبير عن ضرورة أو قانون الظواهر. ومن الناحية المنطقية، المبدأ هو المفهوم الرئيسي، والأساس لأي نظام، والتعميم والامتداد لبعض القضايا إلى كل ظواهر المجال التي استمد منها المبدأ. ومبدأ الإيجابية – مثلا – يعني المستوى الأخلاي الذي يميز العلاقات بين الناس في المجتمع.

للأعلى

 

مبدأ اقتصاد الفكر / Principle of Economy of Thought / Principe de l'Economie de la Pensée

فرضية مثالية ذاتية تذهب إلى أن معيار الصدق لأي معرفة يقوم على تحقيق الحد الأقصى من المعرفة بالحد الأدنى من وسائل الإدراك. وقد أدخل هذا الاصطلاح أ. ماخ (1872) وافيناريوس (1876) وانتشر الاصطلاح بين الفلاسفة المحدثين تحت أسماء "مبدأ البساطة" و"مبدأ الاقتصاد" وغيرهما. وقد انتقد لينين بشكل حاد – في كتابه « المادية والتجريبية النقدية » – مبدأ إقتصاد الفكر، ووصفه بأنه مثالي لأن صدق القضايا العلمية لا يحدده اقتصاد الفكر وإنما مطابقة المفاهيم للعالم الموضوعي.

للأعلى

 

المثالية / Idealism / Idéalisme

(معناها في اليونانية الصورة أو المفهوم) تجاه فلسفي يتعارض بشكل قاطع مع المادية في حل المسألة الأساسية في الفلسفة، والمثالية تبدأ من المبدأ القائل بأن الروحي أي اللامادي أولي، وأن المادي ثانوي؛ وهو ما يجعلنا أقرب إلى الأفكار الدينية حول تناهي العالم في الزمان والمكان وحول خلق الله له. وتنظر المثالية إلى الوعي منعزلا عن الطبيعة، ونتيجة لهذا فإنها حتما تضلل الوعي الانساني والعملية المعرفية، وهي تدافع – كقاعدة عامة – عن النزعة الشكلية واللاأدرية، وتضع المثالية في موضع النقيض للحتمية (المادية) ووجهة النظر الغائية. وتؤكد الماركسية اللينينية، على النقيض من المادية الميتافيزيقية والمادية الساذجة – التي تنظر إلى المثالية على أنها مجرد عبث ولغو – وجود جذور نظرية المعرفة في أي شكل محدد من أشكال المثالية. ومع تطور التفكير النظري، فإنه حتى أكثر أشكال التجريد أولية يتيح إمكانية المثالية – أي الفصل بين المفاهيم وموضوعاتها. وتتحول هذه الإمكانية إلى واقع فقط في مجتمع طبقي، حيث تنهض المثالية كاستمرار شبه علمي للمفاهيم الخيالية للأساطير. والمثالية على النقيض من المادية تكون ممتدة الجذور عادة في النظرة الشاملة إلى العالم من جانب القاطاعات والطبقات المحافظة والرجعية التي لا مصلحة لها في التفكير الصحيح في الوجود، ولا في تطور قوى الانتاج، ولا في إعادة بناء العلاقات الاجتماعية على نحو جذري. وتسفر المثالية عن صعوبات مطلقة ومحتومة أمام تطور المعرفة الانسانية، ومن ثم فإنها تؤخر التقدم العلمي. وفي الوقت نفسه فإن بعض الفلاسفة المثاليين، باثارتهم تسؤلات جديدة فيما يتعلق بنظرية المعرفة، وبسعيهم إلى فهم العملية المعرفية، كانوا يعطون حافزا لدراسة عدد من المشكلات الفلسفية. فهيغل – مثلا – في جدل التصورات قد "خمن" جدل الأشياء. وتقسم الماركسية اللينينية أنواع المثالية المتعددة إلى مجموعتين: المثالية الموضوعية التي تتخذ من الانطباع الشخصي أو الروح غير الشخصية، وهو نوع من العقل الفردي السامي، أساسا للواقع، والمثالية الذاتية، التي تقيم العالم على أساس فروق الوعي الفردي. ولكن الفرق بين المثالية الذاتية والموضوعية ليس فرقا مطلقا. فكثير من المذاهب المثالية الموضوعية تحتوي على عناصر المثالية الذاتية، ومن ناحية أخرى فإن المثاليين الذاتيين في محاولة للابتعاد على الأنانة كثيرا ما يتبنون موقف المثالية الموضوعية. وقد نشأت المذاهب المثالية الموضوعية أول ما نشأت في الشرق. وكانت فلسفة أفلاطون شكلا تقليديا للمثالية الموضوعية. والارتباط بالأفكار الدينية والأسطورية طابع مميز لمثالية أفلاطون الموضوعية، وللمثالية القديمة بوجه عام. وقد امتدت هذه الرابطة حتى بداية عصرنا هذا، وعلى امتداد أزمة المجتمع القديم عندما ظهرت الأفلاطونية الجديدة. وقد تداخلت الأفلاطونية الجديدة إلى حد كبير أيضا مع الصوفية المتطرفة، وأصبحت هذه السمة أكثر شيوعا خلال العصور الوسطى، عندما أخضعت الفلسفة خضوعا تاما للاهوت المسيحي وعلم الكلام الاسلامي (أنظر القديس أوغسطين وتوما الأكويني). وقد أصبح المفهوم الأساسي للفلسفة المثالية الموضوعية المدرسية (السكولائية) – بعد توما الأكويني – هو مفهوم الشكل غير المادي، الذي كان يعالج على أنه العامل القوي الذي يحقق إرادة الله، الذي دبر العالم بحكمته، فجعله محددا في المكان والزمان، وابتداء من ديكارت أخذت المثالية الذاتية تزداد انتشارا في الفلسفة البورجوازية مع ازدياد قوة الدوافع الفردية. وقد أصبح الجزء الخاص بمبحث المعرفة في فلسفتي بيركلي وهيوم التعبير التقليدي عن المثالية الذاتية. أما في فلسفة كانط فإن التأكيد المادي لاستقلال "الأشياء في ذاتها" عن وعي الذات قد ارتبط، من ناحية، بالفكرة المثالية عن أشكال قبلية للوعي، وهي فكرة كفلت أساسا للنزعة اللاأدرية، وارتبط – من ناحية أخرى – بالادراك الموضوعي المثالي للطبيعة التي تتجاوز الأفراد في هذه الأشكال. وترتيبا على هذا، فإن الاتجاه المثالي الذاتي قد ساد في فلسفة فيخته بينما ساد الاتجاه المثالي الموضوعي في فلسفة شيلنغ، وبصفة خاصة في فلسفة هيغل، واضع المذهب الشامل في المثالية الجدلية. ولقد كان تطور المثالية بعد انقسام المدرسة الهيغلية نتيجة لتخلي البورجوازية عن دورها الاجتماعي التقدمي ومحاربتها لفلسفة المادية الجدلية. وقد ظهرت تعاليم كثيرة تقف "بين"، بل يقال "فوق" المادية والمثالية (أنظر الوضعية والواقعية الجديدة). وزادت قوة التيارات اللاأدرية واللاعقلانية وعدم الإيمان بالعقل الانساني وبمستقبل الانسانية. وأدت الأزمة العامة للرأسمالية إلى انتشار أشكال من المثالية مثل الوجودية والوضعية الجديدة، وأدى السبب نفسه إلى إحياء عدد من مدارس الفلسفة الكاثوليكية، وفي المحل الأول منها التوماوية الجديدة. هذه هي الاتجاهات الثلاثة الرئيسية للمثالية في منتصف العشرينات من هذا القرن، إلا أن تفتت المثالية إلى مدارس تابعة صغيرة لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا. والأسباب الاجتماعية الرئيسية لتنوع أشكال المثالية المعاصرة (أنظر المذهب الظواهري)، والواقعية النقدية والشخصانية والذرائعية (البراجماتية)، وفلسفة الحياة، هي تحلل الوعي البورجوازي والرغبة في دعم "الاستقلال" الموهوم للفلسفة المثالية عن القوى السياسية للإمبريالية. ومن ناحية أخرى تدور عملية عكسية، هي عملية "تقارب"، بل عملية "تهجين" للاتجاهات المختلفة للمثالية المعاصرة، على أساس من موقفها المشترك المناهض للاشتراكية. وقد وضع لينين الأساس العلمي للدراسة النقدية للأشكال المعاصرة للمثالية في كتابه « المادية التجريبية النقدية » وفيه قدم تحليلا ماركسيا، ليس فقط لنوع من الوضعية تمثله فلسفة ماخ، بل أيضا للمضمون الرئيسي لكل الفلسفات البورجوازية في عصر الاستعمار.

للأعلى

 

المذهب الالحادي / Atheism / Athéisme

نسق من الآراء التي ترفض الاعتقاد بما يتجاوز الطبيعة (الأرواح والآلهة والحياة بعد الموت، الخ). ويفسر المذهب الإلحادي مصادر الدين وأسباب ظهوره، وينتقد الاعتقادات الدينية القطعية من وجهة نظر الدراسة العلمية للكون، ويشرح الدور الإجتماعي للدين ويبيّن كيف يمكن التغلب على الأحكام المبتسرة الدينية. وقد ظهر المذهب الإلحادي وتطور مع إزدياد المعرفة العلمية. وفي كل مرحلة من التاريخ كان المذهب الإلحادي يعكس مستوى المعرفة الذي تم بلوغه، ومصالح الطبقات التي كانت تستخدمه كسلاح ايديولوجي. فالأساس الفلسفي للمذهب الإلحادي هو المادية. ويتحدد المضمون الموضوعي والعيوب الخاصة بكل شكل من أشكال المذهب الالحادي، بالظروف الاجتماعية والإقتصادية المعينة، ومستوى تطور العلم، وتطور الفلسفة المادية. وقد تشكل المذهب الإلحادي كنسق من الآراء في المجتمع العبودي. فقد كانت هناك عناصر إلحادية كثيرة في مؤلفات طاليس وأنكسيمانس وهرقليطس وديمقريطس وأبيقور وأكسينوفان. فقد فسروا كل الظواهر بأسباب طبيعية. وكان تناولهم ساذجا وتأمليا وجمع بين رفض الإيمان الديني والاعتراف بالآلهة. وفي العصور الوسطى عندما كانت السيادة للكنيسة وللدين لم يحرز المذهب الإلحادي تقدما كبيرا. وكانت للمذهب الالحادي البورجوازي أهمية كبيرة عند بعض الفلاسفة – سبينوزا والماديون الفرنسيون، وفيورباخ وغيرهم. فقد لعب قيام الالحاديين البورجوازيين بكشف الطبيعة الرجعية للكنيسة دورا تاريخيا في النضال ضد الاقطاع وسهّل عملية إزالته. ومع ذلك فإن المذهب الالحادي البورجوازي كان غير متماسك وكان محدودا، وكان ذا طابع تنويري ولم يكن يخاطب الشعب وإنما دائرة ضيقة من الناس. وكان الديمقراطيون الثوريون الروس الماديون نشطين ومتماسكين. واكتسب المذهب الالحادي أكثر صوره تماسكا في الماركسية اللينينية. فإن مصالح الطبقة العاملة ومركزها ودورها في المجتمع تتفق مع الاتجاهات الموضوعية للتطور الاجتماعي. ولهذا السبب فإن المذهب الالحادي الماركسي متحرر من الحدود الطبقية التي كانت تميز أشكال المذهب الالحادي السابقة على الماركسية.

للأعلى

 

المذهب الأسمي / Nominalism / Nominalisme

تيار في فلسفة العصور الوسطى يعتبر المفاهيم الكلية مجرد أسماء للأشياء الجزئية. وأصحاب المذهب الأسمي يؤكدون في مقابل واقعية العصور الوسطى (أنظر الواقعية في العصور الوسطى) أن الأشياء الجزئية وحدها، بخصائصها الجزئية، هي التي توجد حقا. أما المفاهيم العامة التي تخلقها أفكارنا من هذه الأشياء – وهي أبعد من أن توجد في استقلال عن الأشياء – لا تعكس حتى خواصها وصفاتها. والمذهب الأسمي يرتبط إرتباط لا ينفصم بالاتجاهات المادية لإدراك أولية الأشياء وثانوية طبيعة المفاهيم. والمذهب الأسمى – في رأي ماركس – كان أول تعبير عن المادية في العصور الوسطى. غير أن أصحاب المذهب الأسمى لم يفهموا أن المفاهيم العامة تعكس الصفات الواقعية للأشياء الموجودة موضوعيا، وأن الأشياء الجزئية لا تنفصل عما هو عام بل تحتويه داخلها. وكان روسلين وجون دونز سكوتس ووليم الأوكامي أبرز أصحاب المذهب الأسمي من القرن الحادي عشر إلى القرن الرابع عشر. وقد تطورت أفكار المذهب الأسمي على أساس مثالي في مذاهب بركلي وهيوم، وبعد هذا حديثا في الفلسفة السيمنطيقية (أنظر السيمنطيقا العامة).

للأعلى

 

المذهب الإنساني / Humanism / Humanisme

نسق من الآراء المبنية على احترام كرامة الإنسان والإهتمام برفاهيته وتطوره الشامل، وخلق الظروف الملائمة للحياة الاجتماية. وقد نشأت الأفكار ذات النزعة الانسانية نشوءا تلقائيا خلال الصراعات الشعبية ضد الاستغلال والخطيئة. وقد نمت فأصبحت حركة ايديولوجية واضحة في عصر النهضة من القرن الرابع عشر إلى القرن السادس عشر، عندما برزت كعنصر في الايديولوجية البورجوازية المعارضة للاقطاع ولاهوت العصور الوسطى. ويرتبط المذهب الانساني إرتباطا وثيقا بالآراء المادية التقدمية، فهو يعلن حرية الفرد ويعارض القهر البدني الديني، ويدافع عن حق الانسان في التمتع وفي إشباع الرغبات والحاجات الدنيوية. ومن أبرز أتباع المذهب الانساني في عصر النهضة بترارك ودانتي وبوكاشيو وليوناردو دافينشي وايرازموس أوف روتردام وبرونو ورابيليه ومونتيني وكوبرنيك وشيكسبير وفرانسيس بيكون وغيرهم. وهؤلاء ساعدوا في صياغة آراء دنيوية، ولكنهم كانوا مبتعدين كثيرا عن الشعب، عن الناس العاملين، وكانوا معادين للحركات الثورية من جانب المقهورين. وقد عبّر مفكرون مثل مور وكامبانيللا – من ناحية أخرى – عن مصالح الشعب العامل. وبلغ المذهب الانساني البورجوازي ذروته في مؤلفات مفكري عصر التنوير في القرن الثامن عشر، الذين رفعوا شعارات الحرية والمساواة والأخاء، وأعلنوا حق الناس في أن يطوروا في حرية "جوهم الطبيعي". ومع ذلك، فإنه حتى أرفع مظاهر المذهب الإنساني البورجوازي كانت تنطوي على عيب التغاضي عن ظروف حياة الشعب العامل وتجاهل مسألة حريته الحقيقية، وبناء المثل العليا الانسانية على الملكية الشخصية والنزعة الفردية. ومن هنا كان التناقض بين شعارات المذهب الإنساني وتحققها الفعلي في المجتمع الرأسمالي. أما عن أنصار الاشتراكية الخيالية فقد أدركوا الطبيعة اللاإنسانية للرأسمالية وهاجموا خطاياها. ولكنهم عجزوا – بسبب عدم معرفتهم بالقوانين الموضوعية للتاريخ – عن إكتشاف السبل والوسائل الفعالة لتحقيق مجتمع عادل. والمذهب الإنساني الاشتراكي يختلف عن هذا اختلافا أساسيا. فهو يقوم على أساس الفلسفة الماركسية اللينينية ونظرية الشيوعية التي تسلم بحرية الطبقة العاملة من القهر الاجتماعي، وبناء الشيوعية كشرط جوهري للتطور المتسق لكل الناس والحرية الأصيلة للفرد. والمذهب الانساني الإشتراكي هو أيديولوجية الطبقة العاملة، لأن الطبقة العاملة هي الطبقة الوحيدة التي تسعى لتوفير الظروف الجوهرية لانتصار المثل العليا الإنسانية، بصراعها ضد الطبقات المستغِلة ومن أجل الشيوعية. وتقيم الاشراكية – بإلغائها الملكية الخاصة والإستغلال – علاقات إنسانية على الحقيقة، مبنية على أساس المبدأ القائل بأن الانسان بالنسبة للانسان صديق ورفيق وأخ. والشيوعية هي التجسيد الأعلى للمذهب الإنساني، لأنها تزيل كل البقايا المترسبة من عدم المساواة، وتقيم التعبير الأعلى عن العدالة، وهو مبدأ « من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجاته »، وتوفر الظروف الضرورية للتطور المتسق لكل الأفراد.

للأعلى

 

لمذهب التشكيل الإنساني للطبيعة / Anthropomorphism / Anthropomorphisme

هو نقل الشكل الإنساني والخصائص المميزة للإنسان إلى قوى الطبيعة الخارجية، ونسبتها إلى الكائنات الأسطورية (الآلهة والأرواح). وقد بُذلت في الأزمنة الأخيرة محاولات لتطهير المسيحية من مفاهيم هذا المذهب الساذجة (انظر الربوبية والتأليهية).

للأعلى

 

المذهب التصوري / Conceptualism / Conceptualisme

نظرية في الفلسفة المدرسية ترتبط أساسا بإسمي ابيلار وأوكام. ينكر أصحاب المذهب التصوري في مناقشاتهم بشأن الكليات وجودها الواقعي بمعزل عن الأشياء الجزئية، كما يفعل أصحاب المذهب الأسمي (أنظر المذهب الأسمي). ولكنهم يختلفون عن هؤلاء باعترافهم بوجود تصورات قبلية عامة أو صور عقلية مجردة عن الأفعال والأشياء، باعتبارها شكلا خاصا لمعرفة الواقع. وقد نادى لوك بآراء قريبة من المذهب التصوري.

للأعلى

 

مذهب التناهي / Finitism / Finitisme

(1) تصور فلسفي يرفض المحتوى الحقيقي الموضوعي لمقولة اللامتناهي (انظر اللامتناهي والمتناهي). وينطلق من الافتراض الذي يذهب إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك أي لامتناه في العالم، أو في العالم الأصغر، أي في تفكير الإنسان. ويرى مذهب التناهي أسس هذا الموقف في أن الإنسان في تجربته يتعامل دائما مع الأشياء المتناهية وخواصها. ومذهب التناهي في وضعه للمتناهي واللامتناهي مقابل بعضهما بشكل ميتافيزيقي، إنما يتجاهل جدلهما والعلاقة المتبادلة بينهما في المعرفة. (2) في تيار من تيارات الرياضة الشكلية (أنظر النزعة الشكلية) يحرم مذهب التناهي إستخدام اللامتناهي في علم ما واراء الرياضيات.

للأعلى

 

المذهب الحيوي / Vitalism / Vitalisme

تيار مثالي في علم البيولوجيا يعزو جميع عمليات نشاط الحياة إلى العوامل اللامادية الخاصة التي يقال أنها ماثلة في الكائنات الحية ("الكمال الأول"، الوثبة الحيوية، القوة الحيوية، الخ). وتضرب جذور المذهب الحيوي في تعاليم أفلاطون عن النفس المفروض فيها أن تضفي طابعا روحيا على العالمين الحيواني والنباتي، كما تضرب هذه الجذور في تعاليم أرسطو عن الكمال الأول – وقد تشكل المذهب الحيوي كمفهوم في القرنين السابع عشر والثامن عشر. ودعا إليه ح. شتال و ج. ج. أوكسكل و هـ. دريش)، ويمثله في الوقت الراهن ل. برتالانفي و ا. فنزل وغيرهما. إن المذهب الحيوي بإقراره للفردية الكيفية للطبيعة الحية، إنما يفصل عمليات الحياة عن القوانين المادية الفيزيائية الكيماوية وقوانين الكيمياء العضوية. ولقد أدت المبالغة في التركيز على التقابل بين الطبيعة الحية والطبيعة غير الحية بالمذهب الحيوي إلى أن يرفض إمكان إنبثاق الشكل الحيوي من الشكل غير الحيوي وعندما تـُطرح المشكلة على هذا النحو فليس أمامنا سوى أن نعزو أصل الحياة إلى العلل الالهية، أو إفتراض وجودها على أنها خالدة. والمذهب الحيوي يحول لصالحه مشكلات علم الأحياء التي لم تتعرض حتى الآن إلا للفحص البسيط، وإن الموضوعات الرئيسية التي يوجه إليها إنتباهه هي مشكلات ماهية الحياة وكلية وغرض البناء والوظيفة والتولد الجنيني والتجدد الخ. فمثلا عملية التطور الجنيني يعتبرها المذهب الحيوي اندفاع الجنين لتحقيق هدف محدد من قبل. وإن تاريخ تطور العلم هو تاريخ دحض المذهب الحيوي، وهو نقد عميق نجد بعضا منه في مؤلفات انجلز ولينين وهيكيل وتيمريازيف وميتشنيكوف وبافلوف وغيرهم.

للأعلى

 

المذهب الطبيعي / Naturalism / Naturalisme

(1) في الفلسفة هو الرغبة في تفسير تطور المجتمع بقوانين الطبيعة (الأحوال المناخية والبيئة الجغرافية والإختلافات البيولوجية والجنسية بين لشعوب الخ). والمذهب الطبيعي قريب من مذهب مركزية الإنسان في الكون الذي لم يتبين أيضا القوانين النوعية التي تحكم الحياة الإجتماعية. وعلى حين لعب المذهب الطبيعي في القرنين السابع عشر والثامن عشر دورا إيجابيا في الكفاح ضد النزعة الروحية، إلا أنه أنحط واستحال بعد ذلك إلى نظرية مثالية رجعية. وهو يضم مذهب مالتوس والنظرية العضوية للمجتمع عند سبنسر ونظرية الدارونية الاجتماعية.

(2) نسق من الآراء الجمالية في الفن، ومنهج فني مطابق تشكل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد صاغت الوضعية عند كونت وسبنسر و هـ. ا. تين وغيرهم الأساس الفلسفي للمذهب الطبيعي. ولا يحاول المذهب الطبيعي أن يسبر غور العمليات الضاربة في العمق والجوهرية عن الواقع، وهو يرد التصوير الفني إلى نسخ الأشياء والظواهر المفردة. وقد ظهرت الطبيعة المتناقضة للمفهوم الجمالي في المذهب الطبيعي بشكل رائع في أعمال أميل زرلا، وهي طبيعة كانت تصطدم في أغلب الأحيان بآرائه النظرية ("الرواية التجريبية" 1880، "الطبيعة في المسرح" (1881) حول تطابق الظواهر الاجتماعية والبيولوجية واستقلال الفن عن السياسة والأخلاقيات الخ. إن التركيز على الجانب الفسيولوجي للحياة والتشوق إلى اللهو البدائي والإفراط في الحساسية والميلودراما هي الملامح المميزة للفن الطبيعي المعاصر المعبر عنه بأساليب فنيه مختلفة: الروايات المكثفة والكوميديات الموجزة وأفلام قطاع الطرق والقصص البوليسية واللوحات عن العاهرات والرسوم الطبيعية، وفي إيقاع موسيقى الجاز كما هي في رقصات الروك اندرول والتويست. وإن أفكار السلمية والنأي عن الصراع الاجتماعي وعدم الاكتراث بأفراح الناس وآلامهم والتركيز على الجوانب المنحطة في الحياة الإنسانية كما يروج لها (بطريقة مباشرة أو ملتوية) دعاة المذهب الطبيعي تجعلها قريبة من أصحاب النزعة الشكلية، مثل السورياليين.

للأعلى

 

المذهب الطبيعي الاخلاقي / Ethical Naturalism / Naturalisme Moral

اسم عام يطلق على نظريات (أنظر مذهب اللذة والأخلاق والتطور وغيرها) يوحد بينها المبدأ القائل بأن مفهوم الخير يتحدد عن طريق نوع من المفهوم "الطبيعي"، أي مفهوم "فوق الأخلاق" مثل اللذة أو التطور البيولوجي، الخ (ويعتبر الوضعيون المناطقة والحدسيون هذا خطأ طبيعيا). وقد برهنت الماركسية على أنه من المستحيل – من مواقع المذهب الطبيعي – اعطاء تفسير مادي متماسك لجوهر المقولات الأخلاقية أو إقتفاء أصل الأخلاق. وقد أصبحت النزعة الطبيعية – في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين – اتجاها يدافع دعاته عن بعض المبادئ العلمية للأخلاق ضد النقد المثالي السافر للوضعيين الجدد والحدسيين. وهذه المبادئ هي: (1) الخير الأخلاقي موضوعي، وهو يرتبط بالنظام الإجتماعي وبمصالح وحاجات الناس، (2) مفهوم الخير يمكن تحديده وتبرير القواعد الأخلاقية موضوعيا، (3) للأحكام الأخلاقية أهمية موضوعية، ويمكن التحقق من صدقها والبرهنة عليه. (4) المبادئ الأخلاقية والخلقية يمكن أن تكون علمية إذا كانت على أساس من معطيات العلوم الإجتماعية الأخرى. والنقد الذي يوجوهه أصحاب المذهب الطبيعي إلى المثالية في الاخلاق، كذلك عناصر المادية التي تحتويها نظرياتهم تقدمية في مجموعها. وتجدر بالذكر هنا مؤلفات ماريو بونغ (الأرجنتين) وابراهام ايديل (الولايات المتحدة الأمريكية).

للأعلى

 

المذهب الطبيعي في دراسة الإنسان / Anthropologism / Anthropologisme

من الملامح المميزة للمادية فيما قبل الماركسية، التي كانت تعتبر الإنسان النتاج الأعلى للطبيعة، وتفسر كل الملامح والصفات الخاصة بالانسان بأصلها الطبيعي. وكانت هذه النزعة تؤكد وحدة الإنسان والطبيعة، في مقابل المفهوم المثالي للإنسان، وضد المفهوم الثنائي الذي يفصل بين الجسد والروح. وكانت واحدا من الأدلة في صالح الثورة البورجوازية، التي تبين استحالة التوفيق بين النظام الإجتماعي الاقطاعي من ناحية، والدين والطبيعة الحقيقية للإنسان من ناحية أخرى. ومفهوم وحدة الانسان والطبيعة هو في مجموعه مجرد وصف تعوزه الدقة للمادية. فهو يحتفظ بالأخطاء الكامنة في كل مادية سابقة على الماركسية، والرئيسي بين هذه الأخطاء الإخفاق في فهم الطبيعة الاجتماعية للانسان ووعيه. ومفهوم وحدة الإنسان والطبيعة يعتبر كل السمات والصفات الإنسانية الحقيقية "مجردة كامنة.. في الفرد" (ماركس)، أي بعيدا عن المجتمع والتجربة الاجتماعية. ويضع هذا المفهوم الدراسة الفلسفية "للانسان المجرد" في المقدمة، مفضلا إياها على العلاقات الاجتماعية في مجموعها والقوانين الموضوعية للتطور الإجتماعي، التي تخلق بالفعل الفرد الإنساني، وهذا – في جوهره – تناول بيولوجي لدراسة الإنسان، ويؤدي مثل هذا التناول حتما إلى مثالية في تصور التاريخ، طالما أنه يجعل الظواهر الاجتماعية متوقفة على الصفات الطبيعية للانسان دون غيرها. وقد بلغ مفهوم وحدة الإنسان والطبيعة أقصى تطوره في مولفات فيورباخ وتشيرنشفسكي وإن كان الأخير قد تغلب على بعض ملامح هذه النزعة، بفضل موقفه الإيجابي والثوري من الحياة. ويقدم هذا المفهوم في الفلسفة البورجوازية الحديثة أساسا لأشكال متعددة من المثالية، التي تعتبر العالم الموضوعي شيئا مشتقا من طبيعة الإنسان. فمفهوم وحدة الإنسان والطبيعة جزء مكمل لكثير من الاتجاهات في الفلسفة الوجودية والبراجماتية وفلسفة الحياة. وفي علم الإجتماع (علم الاجتماع الانثروبولوجي، والدارونية الاجتماعية وكذلك في علم النفس (أنظر الفرويدية).

للأعلى

 

المذهب الظواهري / Phenomenology / Phénoménologie

تيار مثالي ذاتي أسسه هوسيرل ومارس تأثيرا كبيرا على كثير من التيارات في الفلسفة البورجوازية المعاصرة. والمفهوم الرئيسي في الفلسفة الظواهرية هو مفهوم "قصدية" الوعي (أي كونه موجها نحو الموضوع)، والتي تعني تأكيد المبدأ المثالي الذاتي: « ليس هناك موضوع بدون ذات ». والمتطلبات الرئيسية للمنهج الظواهري هي: (1) الرد الظواهري، أي الامتناع عن إصدار أية أحكام فيما يتعلق بالواقع الموضوعي وتجاوز حدود "الخالص"، أي التجربة الذاتية؛ (2) الرد المتعالي، أي إعتبار موضوع المعرفة نفسه لا كوجود حقيقي وتجريبي واجتماعي ونفسي فسيولوجي، وإنما كوعي "خالص" متعال. وقد أصبحت فكرة المذهب الظواهري الأساس الفلسفي للوجودية (م. شيلر، هايدغر). ويعارض بعض الفلاسفة البورجوازيين (سارتر وميرلو بونتي) المادية الجدلية بالمذهب الظواهري. ويركب الفلاسفة الكاثوليكيون (اديث شتاين، وفان بريدا) المذهب الظواهري مع التوماوية الجديدة. وقد أثارت النتائج المثالية واللاعقلانية السافرة للمذهب الظواهري معارضة داخل صفوف المدرسة الظواهرية نفسها؛ ويحاول جناحها اليساري أن يحمي الظواهرية من الوجودية، محتفظا فقط "بنواتها العقلية" (فاربر، وإلى حد ما انجاردن). والمركز النظري للتيار الظواهري هو محفوظات هوسيرل في جامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا.

للأعلى

 

المذهب العقلاني / Rationalism / Rationalisme

(1) تعاليم في نظرية المعرفة، تذهب إلى أنه لا يمكن إستنباط الكلية والضروره – وهما الصفتان الملازمتان المنطقيتان للمعرفة الحقة – من التجربة وتعميمها، إنما يمكن استنباطهما فقط من العقل نفسه: إما من مفاهيم فطرية في العقل (نظرية الأفكار الفطرية عند ديكارت، أو من مفاهيم لا توجد إلا في شكل إستعدادات مسبقة في العقل. وتؤثر الخبرة تأثيرا معينا على مظهر هاتين الصفتين، ولكن طابع الكلية المطلقة والضرورة المطلقة تعطيه لهما التجربة السابقة وأحكام العقل أو أشكال أولية مستقلة إستقلالا مطلقا عن الخبرة. وبهذا المعنى فإن المذهب العقلاني قد ظهركمحاولة لتعليل الخصائص المنطقية للصدق الرياضي والعلم الطبيعي الرياضي. وكان ممثلوه في القرن السابع عشر ديكارت وسبينوزا ولايبنتز، وفي القرن الثامن عشر كانط وفيخته وشلنغ وهيغل. ويكمن قصور المذهب العقلاني في انكاره للقضية القائلة بأن الكلية والضرورة ظهرتا عن طريق الخبرة. ويضفي المذهب العقلاني صفة المطلق على الطبيعة التي لا تنازع لهاتين الصفتين المنطقيتين، ولا يعترف بجدل إنتقال المعرفة من الكلية والضرورة الأدنى إلى الكلية والضرورة الأعلى والمطلقة وقد تغلبت على هذا التصور في المذهب العقلاني الفلسفة الماركسية التي تبحث المعرفة في وضعها مع الممارسة (أنظر المعرفة؛ والنظرية والممارسة).

(2) الطابع العقلاني للفكر والنظرة العامة للعالم. وهو لا يشمل فحسب نظرية المعرفة، بل أيضا علم النفس وعلم الأخلاق وعلم الجمال. وفي علم الجمال يضع الاتجاه العقلاني في المعرفة الوظائف النفسية الذهنية فيرد الإرادة – مثلا – إلى العقل (سبينوزا)، وفي علم الأخلاق يعطى المكان الأول للدوافع العقلية والمبادئ العقلية للنشاط الأخلاقي، وفي علم الجمال يعطى المكان الأول للطابع العقلي (الذهني) للعمل الإبداعي. وفي جميع هذه الحالات فإن المذهب العقلاني يعني الإيمان بالعقل، وبحقيقة الحكم العقلي، وبقوة التدليل. وبهذا المعنى يتعارض المذهب العقلاني مع النزعة اللاعقلانية.

(3) في اللاهوت، المذهب العقلاني اتجاه يذهب إلى أن العقائد الدينية المقبولة هي تلك التي يعتبرها العقل متفقة مع المنطق ومع "النور الطبيعي" للعقل.

للأعلى

 

مذهب اللذة (الهيدونية) / Hedonism / Hédonisme

(في اليونانية "هيدون" تعني اللذة). نظرية في الأخلاق تعرّف الخير بأنه ما يؤدي إلى لذة أو إلى خلاص من الألم، والشر بأنه ما يسبب الألم. وقد أعتنقت نظريات اللذة منذ أقدم الأزمنة، وبلغت ذروتها في أخلاق أبيقور. وهي محور المذهب النفعي عند ميل وبنتام. على أن الفكرة القائلة بأن اللذة خير مطلق تمثل تناولا فجا وفظا للمشكلات الأخلاقية.

للأعلى

 

مذهب النسبية / Relativism / Relativisme

نظرية مثالية عن نسبية واتفاقية وذاتية المعرفة الإنسانية. وحين يذكر مذهب النسبية نسبية المعرفة، فإنه ينكر المعرفة الموضوعية، ذاهبا إلى أن معرفتنا لا تعكس العالم الموضوعي. وقد عُبّر عن هذا الرأي بوضوح فعلا في فلسفة غورغياس، رغم أن النسبية عنده كانت لها دلالة إيجابية لتطور الجدل. ومذهب النسبية بوجه عام شائع لدى المذاهب المثالية الذاتية واللاأدرية. فقد كان – مثلا – واحدا من المبادئ المعرفية للمثالية الفيزيقية. وتعترف المادية الجدلية بنسبية المعرفة، ولكن بمعنى أن كل مرحلة تاريخية فيها محدودة بمستوى معين من تطور القوى الانتاجية والعلم، وليس بمعنى نفي الحقيقة الموضوعية. وتستخدم بعض الاتجاهات في الفلسفة المعاصرة النسبية كوسيلة للصراع ضد الفلسفة المادية. (أنظر الحقيقة المطلقة والنسبية).

للأعلى

 

المظهر / Appearance / Apparence

أنظر الجوهر والمظهر.

للأعلى

 

المعرفة / Cognition

عملية انعكاس الواقع وعرضه في الفكر الإنساني، وهي مشروطة بقوانين التطور الإجتماعي، وترتبط ارتباطا لا ينفصم بالممارسة. وهدف المعرفة بلوغ الحقيقة الموضوعية. ويكتسب الإنسان في عملية المعرفة المعارف والمفاهيم الخاصة بظواهر الواقع ويتحقق من العالم المحيط به. وهذه المعرفة تستخدم في النشاط لعملي من أجل تغيير العالم واخضاع الطبيعة للمتطلبات الإنسانية. إن المعرفة والتغيير العملي للطبيعة والمجتمع هما جانبان مشروطان، ويتوقف كل منهما على الآخر بشكل تبادلي لعملية تاريخية واحدة. فالمعرفة نفسها عامل ضروري في النشاط العملي للمجتمع، لأن هذا النشاط يقوم به الناس على أساس معرفة خواص الأشياء والموضوعات ووظائفها، ومن جهة أخرى، تأتي الممارسة في النشاط الانتاجي للمجتمع كعامل ضروري لعملية المعرفة نفسها. إن إدراج الممارسة في نظرية المعرفة هو وحده الذي يحول النظرية إلى علم حقيقي، يكشف عن القوانين الموضوعية لأصل المعرفة عن العالم المادي وتشكلها. وفي مصدر المعرفة يوجد تأثير عملي فعال على الطبيعة، والتصنيف العملي للمادة الطبيعية، واستخدام هذه الخاصية أو تلك في الأشياء لأغراض الانتاج. وليس المظهر الخارجي للشيء هو الذي يتم تمثله في الممارسة بل وظائفه وماهيته الموضوعية التي تصبح مجال المعرفة والمفاهيم والنظريات الإنسانية. إن المعرفة عملية جدلية معقدة تحدث بأشكال مختلفة، ولها مراحلها ودرجاتها في التطور، وتتضمن مساهمة قوى الإنسان وقدراته المختلفة. والمعرفة وهي قائمة على التجربة والممارسة تبدأ بالادراكات الحسية للأشياء المحيطة بالإنسان ومن هنا جاءت عظمة دور "الادراك الحسي" للارتباط الحسي المباشر للإنسان بالعالم الموضوعي في عملية المعرفة. فالإنسان لا يستطيع أن يعرف شيئا عن الواقع بدون الاحساسات. وتتخذ "الادراكات الحسية" لها أشكالا مثل الاحساس والادراك الحسي والخاطرة، وفحص الوقائع وملاحظة الظواهر الخ. إن الأحاسيس تجعل الإنسان يلامس الصفات الخارجية للأشياء، والإنسان بتمييزه بين الحرارة والبرودة والألوان والروائح والصلابة والنعومة الخ، يجد ارتباطاته في العالم الموضوعي، ويفرق بين الأشياء، ويتلقى معلومات مختلفة عن التغيرات في الواقع المحيط. والادراك الحسي لصور الأشياء وخزنها في التخيل يسمحان للإنسان بأن يتعامل بحرية مع تلك الأشياء لادراك العلاقة بين المظهر الخارجي للشيء ووظائفه. ولكن مهما كانت أهمية الشكل الحسي للمعرفة، إلا أنه هو نفسه لا يتيح إمكانية النفاذ في ماهية الأشياء، واكتشاف قوانين الواقع. ومع هذا فإن هذه المهمة الرئيسية هي بالضبط مهمة المعرفة. إن معطيات "الادراك الحسي" والتجربة تصنف وتعمم بواسطة ملكة المعرفة الأعلى في الإنسان أي التفكير المنطقي-المجرد الذي يحدث على شكل تصورات وأحكام ونتائج. إن المفاهيم تنبعث في الإنسان أيضا كنتيجة لأوجه نشاطه الاجتماعية الانتاجية. فتصبح خواص ووظائف هذه الأشياء وقيمتها العملية الموضوعية القائمة في النشاط الكلامي الإشاري لدى الإنسان، معنى ومحتوى الكلمات التى بها يخلق الفكر الإنساني الأفكار المحددة عن الأشياء وخواصها وتجلياتها. ويجري النشاط المنطقي للتفكير بأشكال مختلفة: الاستقراء والاستنباط، التحليل والتركيب، تكوين الفروض والنظريات.. الخ. والتخيل والخيال الابداعي، والحدس – وهي أشياء تمكن من تكوين أفكار عريضة معممة عن طبيعة الأشياء من معطيات معينة للتجربة، تلعب دورا هاما في المعرفة. وعلى أية حال فإن التفكير لا يخلق إلا الأفكار الذاتية، ومن ثم لا يزال السؤال: هل تتطابق مثل هذه الأفكار مع الواقع نفسه ؟ ويمكن حل هذه المشكلة، لا عن طريق المناقشات والبراهين النظرية وحدها، بل يمكن حلها، أولا وقبل كل شيء، بالممارسة الاجتماعية التاريخية. إن الفكرة الذاتية لا تصبح الحقيقة الموضوعية وتكمل الدائرة المنفصلة للمعرفة، إلا إذا قام النشاط الاجتماعي العملي على هذه الفكرة بشكل مباشر أو غير مباشر، وسمح للناس أن يتحكموا في القوى الطبيعية والاجتماعية، وعندما تؤكد الممارسة الانتاجية الاجتماعية تطابق الأفكار والمعرفة والنظريات مع الواقع، حينئذ فقط يمكن أن يقال أن تلك الأفكار وتلك المعرفة وتلك النظريات صحيحة. كتب لينين: « من الادراك الحسي إلى الفكر المجرد – ومن هذا إلى الممارسة – على هذا النحو يكون الدرب الجدلي لمعرفة الحقيقة، لمعرفة الواقع الموضوعي ». تجري البرهنة على الحقيقة العلمية بشكل نهائي في الممارسة الاجتماعية، لا في التجربة المعملية المعزولة المتحكّم فيها بشكل خاص. إن النشاط الانتاجي الاجتماعي ككل أي الكيان الاجتماعي كله في مجرى تاريخه يحدد ويعمق صدق المعرفة. إن الحق سيرورة، وطالما أن الممارسة مؤكدة بدرجة تكفي لتمييز الحقيقة الموضوعية من الخطأ، وتأكيد صدق معرفتنا، فإن الممارسة نفسها هي في الوقت نفسه عملية متطورة تحدها في كل مرحلة معينة إمكانيات الانتاج ومستواه الفني... الخ. وهذا يعني أنها هي أيضا نسبية، ونتيجة لهذا فإن تطورها لا يسمح بتحويل الحق إلى عقيدة جامدة، إلى مطلق ثابت (أنظر الحق، المطلق، والنسبي).

للأعلى

 

المعرفة / Knowledge / Connaissance

نتاج للعمل الاجتماعي والتفكير اللذين يمارسهما الناس، وتكرار مثالي في شكل لغة للعلاقات الموضوعية المحكومة بالقانون في العالم الموضوعي الذي تعتريه التغيرات. ولا يمكن فهم ماهية المعرفة دون كشف الطبيعة الاجتماعية لنشاط الإنسان العملي. فسلطان الإنسان الاجتماعي يتركز ويتبلور في المعرفة. وقد أقام هذا في تاريخ الفلسفة – الأساس لأفكار المذاهب المثالية الموضوعية عن الدلالة المكتفية ذاتيا والمتحددة ذاتيا للنتاجات المثالية لنشاط الإنسان الاجتماعي (أفلاطون، هيغل). وفي نظرية المعرفة المادية السابقة على الماركسية كانت المعرفة تفهم – على النقيض من ذلك – على أنها نتاج للجهد الادراكي للفرد، نتاج للخبرة الفردية. ولكن مثل هذه النظرة – التي تقوم على المبدأ الحواسي – لم تستطع أن تفسر حقيقة أن الإنسان يبدأ عملية الادراك ممتلكا جهازا "جاهزا" من المفاهيم والمقولات التي طورها المجتمع. إن إحدى الوظائف المباشرة للمعرفة أن تحول مفاهيم مبعثرة إلى شكل كلي، محتفظة فيها بذلك الذي يمكن نقله إلى الآخرين كأساس راسخ للفعل العملي. ومن هذه الزاوية فإن المعرفة تتعارض مح الرأي، مع الأفكار الفجة التي تعبر عن صفات الأشياء التجريبية القابلة للتغير.

للأعلى

 

المفهوم / Concept

شكل من أشكال انعكاس العالم في العقل يمكن به معرفة ماهية الظواهر والعمليات، وتعميم جوانبها وصفاتها الجوهرية. والمفهوم نتاج معرفة متطورة تاريخيا، ترتفع من مرحلة أدنى إلى مرحلة أعلى، وتلخص هذه المعرفة – على أساس الممارسة – النتائج المتحصل عليها في مفاهيم أكثر عمقا، وتحسن المفاهيم القديمة وتحددها بشكل أكثر دقة، كما تصوغ المفاهيم الجديدة. ولهذا فإن المفاهيم ليست جامدة وليست نهائية وليست مطلقة، بل هي في عملية التطور والتغيير ترقى إلى رتبة الانعكاس المطابق للواقع. والمفاهيم تعطي المعنى لكلمات اللغة. والوظيفة المنطقية الرئيسية للمفاهيم هي أنها تنتقي – في الفكر ومن خلال صفات محددة – تلك الأشياء التي تهمنا من وجهة نظر الممارسة والمعرفة. وبفضل هذه الوظيفة تربط المفاهيم. الكلمات بالأشياء المحددة مما يجعل من الممكن تحديد المعاني المضبوطة للكلمات، والاشتغال بها في عملية التفكير. وإن تمييز فئات الأشياء وتعميمها في مفهوم هو شرط أساسي لمعرفة قوانين الطبيعة. وكل علم يشتغل بمفاهيم محددة تتركز فيها المعرفة التي تجمعها العلوم. والمفهوم كما حدده لينين هو النتاج الأعلى للمخ، الذي هو نفسه النتاج الأعلى للمادة. إن تكوين المفهوم أي الانتقال إليه من الصور الحسية للانعكاس، عملية معقدة تشمل تطبيق مناهج المعرفة مثل المقارنة، التحليل والتركيب، التجريد، الصياغة في فكرة، التعميم؛ والأشكال المعقدة بطريقة أو بأخرى للاستنباط. وفي الوقت نفسه غالبا ما تنشأ المفاهيم العلمية بشكل مبدئي على أساس التخمينات الافتراضية الخاصة بوجود الاشياء وطبيعتها، ( فمثلا يبين هذا كيف نشأ مفهوم الذرات). وعلى أساس معرفة قوانين واتجاهات التطور، يمكن صياغة مفهوم بعض الأشياء قبل ظهور الأشياء نفسها ( مفهوم الشيوعية)، ومن ثم فإن صياغة المفاهيم هي مظهر للطبيعة النشطة والخلاقة للفكر، رغم أن الاستخدام الناجح للمفاهيم التي تم إبداعها يتوقف كلية على الإحكام الذي ينعكس به الواقع الموضوعي فيها. وكل مفهوم هو تجريد، الأمر الذي يجعله كما لو كان انحرافا عن الواقع. ومن الحق أنه بالمفهوم نحصل على معرفة أكثر عمقا بالواقع عن طريق فرز جوانبه الجوهرية وفحصها. زيادة على ذلك، فإن العيني الذي ينعكس بشكل غير كامل في المفاهيم الجزئية يمكن أن يظهر إلى حد ما من الاكتمال عن طريق تجميع المفاهيم التي تعكس جوانبه المختلفة. إن أي مفهوم علمي باعتباره إنعكاسا للواقع، هو مفهوم متحرك ومتدفق، شأنه في هذا شأن الأشياء والعمليات (السيرورات) التي هو تعميم لها. والمفهوم عل حد قول لينين « يجب أن يكون مصقولا، معالجا، متحركا، مرتبطا بشكل متبادل، متحدا في الأضداد، حتى يمكنه أن يشمل العام ». إن القول بالمرونة والتحرك والتحول والترابط المتبادل في المفهوم هو جانب من أهم الجوانب جوهرية في تعاليم المنطق الجدلي عن المفهوم. وبالرغم من أن العام وحده هو الذي يتم إلتقاطه في المفهوم، فلا يعني هذا أنه يتعارض مع الفردي والجزئي، بل أكثر من هذا فإن المفهوم العلمي يحتوي على الثراء الذي يتصف به الخاص والجزئي. فعلى أساس ما هو عام فحسب يمكن فرز ومعرفة المجموعات (الأنواع) المحددة للأشياء، بالاضافة إلى الأشياء المفردة التي تندرج تحت فئة ما. والتناول الجدلي للمفهوم يتأكد بتطور مجموع العلم الحديث ويفيد كمنهج للمعرفة العلمية.

للأعلى

 

الميتافيزيقا / Metaphysics / Métaphysique

(الأعمال بعد علم الطبيعة).
1- بدأ إستخدام مصطلح الميتافيزيقا في القرن الأول قبل الميلاد، للإشارة إلى جزء من تراث أرسطو الفلسفي. فقد دعا هذا الجزء الهام من مذهبه الفلسفي "الفلسفة الأولى"، وهي تلك التي تدرس المبادئ "الأعلى" لكل ما هو موجود، والتي لا تبلغها الحواس، ولا يستوعبها إلا العقل المتأمل، والتي لا غنى عنها لكل العلوم. وبهذا المعنى كان مصطلح الميتافيزيقا جاريا فيما أعقب ذلك من الفلسفة. وفي فلسفة العصور الوسطى أخضعت الميتافيزيقا للاهوت. وحوالي القرن السادس عشر وما تلاه، كان مصطلح الميتافيزيقا يستخدم بنفس معنى مصطلح الانطولوجيا (مبحث الوجود). وعند ديكارت ولايبنتز وسبينوزا وغيرهم من فلاسفة القرن السابع عشر، كان مصطلح الميتافيزيقا لا يزال مرتبطا إرتباطا وثيقا بالعلوم الطبيعية والإنسانية. وتحطمت هذه الرابطة في القرن الثامن عشر فحسب، وخاصة على أيدي فلاسفة مثل فولف.

2- في الأزمنة الحديثة نشأ فهم لميتافيزيقا على أنها منهج غير جدلي في التفكير، نظرا لما تتميز به من أحادية الجانب وذاتية في المعرفة؛ فهي تنظر إلى الأشياء والظواهر على أنها نهائية وغير قابلة للتحول، ومستقلة كل منها عن الأخرى؛ وتنكر أن التناقضات الكامنة هي مصدر تطور الطبيعة والمجتمع. ومن الناحية التاريخية، فإن هذا الأمر فسرته حقيقة أن المعرفة العلمية والفلسفية – في الأزمنة القديمة وخلال عصر النهضة – كانت تعتبر الطبيعة كلا في حركة تفضي إلى تطور؛ وبعد ذلك، ونظرا لتعمق وتغاير المعرفة العلمية، فإن هذه المعرفة قسمت الطبيعة إلى عدد من المجالات المنعزلة، كل منها يبحث دون أي رابطة مع المجالات الأخرى. وكان هيغل أول من استخدم مصطلح الميتافيزيقا بمعناه اللاجدلي. ولكنه لم يفسره ولم يبرره. وهذا ما فعله ماركس وانجلز، اللذان عمما معطيات العلم والتقدم الاجتماعي. وبرهنا على الافلاس العملي للتفكير الميتافيزيقي ووضعا في مقابله منهج الجدل المادي.

للأعلى

 

ميكانيكا الكم (الكوانتا) / Quantum Mechanics / Mécanique des Quanta

(النظرية الكوانتية)، القسم من علم الطبيعة الذي يدرس حركات الجزئيات الصغيرة. وقد وضعت أسس ميكانيكا الكم عام 1924 على يد لويس دي بروجلي الذي اكتشف الطبيعة الجسمية الموجية للكمّات الفيزيقية. وتطورت ميكانيكا الكم كنظام متماسك على يد شرودنجر وهاينزنبرج وغيرهما في الأعوام من 1925 إلى 1927. والسمات الأساسية لميكانيكا الكم كنظرية فيزيقية (وهي الثنائية الجسيمية الموجية، ومبدأ الاشتباه، الخ) نتج من وجود كم الفعل. ففي الظروف التي يمكن فيها تجاهل كم الفعل، تتحول ميكانيكا الكم إلى ميكانيكا تقليدية (أنظر مبدأ التطابق). وعلى عكس الميكانيكا التقليدية، فإن مسلك الجزئ الفردي في ميكانيكا الكم يحكمه الاحتمال، أي القوانين الاحصائية. وبالتالي، فإن مفهوم مسار الحركة والحركات التقليدية للسببية تكون خالية من أي معنى في ميكانيكا الكم. إن الصفات غير العادية للجزيئات الصغيرة تنعكس فيما يسمى بالوظيفة الموجية، التي تعطي خاصية ميكانيكية كمية لحالة الجزئ. وهذه الوظيفة تستمد من "المعادلة الموجبة" الميكانيكية الكمية، وهي القانون الأساسي لحركات الجزئيات الأولية. وبالنسبة للسرعات المنخفضة، فإن هذه هي معادلة شرودنجر. أما بالنسبة للسرعات العالية فإن قانون حركة الجزيئات الصغيرة للغاية يعبر عنه بمعادلة ديراك، التي تأخذ بعين الاعتبار متطلبات نظرية النسبية. وقد أسهمت ميكانيكا الكم في تفهم عدد كبير من الظواهر في علوم الطبيعة والكيمياء وحتى الأحياء (البيولوجيا): البنيان الذري، الاشعاع، النظام الدوري للعناصر، الخ. وطالما أن ميكانيكا الكم تتناول المادة في مستوى أعمق من علم الطبيعة التقليدي، فإنها قد فرضت مشكلات فلسفية، مثل علاقة الذات والموضوع، المعرفة والواقع الطبيعي (الفيزيقي)، الصدفة والضرورة، الحتمية واللاحتمية، "القابلية للملاحظة" الفيزيقية، والصورية الرياضية، الخ. وتبدو المعالجات الفلسفية المختلفة لهذه المشكلات – مباشرة – في التأويلات المختلفة للسمات الأساسية لميكانيكا الكم، وفي المحل الأول الوظيفة الموجية. إن جوهر الوظيفة الموجية لا يمكن التعبير عنه من حيث المبدأ بلغة علم الطبيعة التقليدي، ما دامت تعزو إلى الجزيئات صفات موجية وجسيمية في الوقت نفسه، وهي صفات يستبعد كل منها الآخر بالمعنى التقليدي. ويتعين على المرء عند معالجة جزيئات العالم الأصغر (الميكروكوزم) أن يتناولها من وجهة نظر الجدل المادي، الذي يعطي مفتاحا إلى فهم التناقض الجدلي والتركيب الجدلي، ويتعين على المرء – بصفة خاصة – أن يوسع فكرتي المكان والزمان، بحيث تتجوازان حدود ميكانيكا الكم. وفي الفترة التي كان علم الطبيعة فيها عاجزا عن أن يفعل هذا، فإن مدرسة كوبنهاغن لميكانيكا الكم اكتسبت شهرة، إذ أعلنت أن الوظيفة الموجية مجرد "سجل لمعرفتنا فيما يتعلق بحالة الجزيئات الصغرى". وقد ذهب بعض الفلاسفة الذين يعمدون إلى الاستدلالات المثالية، إلى حد رفض موضوعية طبيعة العالم الأصغر والسببية فيه، ومالوا إلى الافراط في تأكيد دور الملاحظة والجهاز. والحقيقة رغم ذلك، أن الوظيفة الموجية انعكاس للصفات الموضوعية للجزيئات الصغرى، ومن الخطأ كلية الخروج باستنتاجات ذاتية من الطبيعة غير التقليدية لهذه الصفات. وليس من قبيل الصدفة أنه مع تطور علم الطبيعة الحديث، ومع اكتشافه للتغير الداخلي المتبادل بين الجزيئات الأولية، وبنيانها ورابطتها التي لا تنفصم مع الفراغ، والتي أكدت – بالتالي – الطبيعة الموضوعية لمفارقات ميكانيكا الكم، فإن كثيرا من العلماء البارزين – مثل هايزنبرج وبوهر، قد ابتعدوا تدريجيا عن المناهج الوضعية.

للأعلى

 

الميكروسوسيولوجيا / Microsociology / Microsociologie

النظرية الوضعية التي ظهرت في الثلاثينات من هذا القرن وانتشرت في الولايات المتحدة (ج. مورينو) وألمانيا الاتحادية (ر. كونغ). ويوجد في الولايات المتحدة معهد خاص للميكروسوسيولوجيا هو معهد مورينو، وصحيفة خاصة هي صحيفة السوسيومتوي. وتستخدم الميكروسوسيولوجيا مصطلحات العلوم الصبيعية (مثل العناصر الدقيقة والالكترونات والذرات والجزيئات الخ). وينطلق المشتغلون بالميكروسوسيولوجيا – في تحليلهم للظواهر الاجتماعية – من مفاهيم البنية الدقيقة (العلاقات النفسية بين الناس، رغباتهم، وتعاطفهم ونفورهم) والبنية الكبيرة (اتحاد الناس في أي مكان معين خلال ساعات العمل والدراسة والراحة وفي الحياة اليومية في المدرسة أو الفصل الدراسي أو في ملعب الكرة أو في المسكن الخ. ويقال أن توافق أو عدم توافق كل منهما مع الأخرى تحدده درجة "التوتر الاجتماعي" فيها، واستقرار الحياة الاجتماعية. وطبقا للميكروسوسيولوجيا، يمكن تحقيق الانسجام الاجتماعي على أساس الأقيسة الخاصة، عن طريق إعادة تجميع المجتمع في الأبنية الكبيرة ("الثورة السوسيومترية") ونتيجة لهذا تقوم الوحدة بين رغبات ومشاعر الناس. إن الميكروسوسيولوجيا يوتوبيا رجعية تهدف إلى إعادة بناء المجتمع دون التأثير على أساساته الاقتصادية والسياسية، وهي بذلك تزين التناقضات الاجتماعية الحادة في المجتمع الرأسمالي في يومنا هذا.

للأعلى