كارل ماركس
1818–1883

مؤسس الشيوعية العلمية وفلسفة المادية الجدلية والمادية التاريخية والاقتصاد السياسي العلمي، وزعيم ومعلم البروليتاريا العالمية. ولد في ترييف حيث أنهى المدرسة الثانوية في عام 1830، وبعد ذلك التحق بجامعة بون ثم جامعة برلين. وفي ذلك الوقت كانت نظرته العامة للعالم قد بدأت تتـشكل. وقد ترك الاتجاه اليساري في فلسفة هيغل أثره على تطور ماركس الروحي. لقد تمسك ماركس بالأفكار الديمقراطية الثورية فاتخذ موقفا يسارياً متطرفاً بين الهيغليين الشبان. وفي مؤلفه الأول الذي كان رسالته في نيل درجة دكتوراه في الفلسفة « الاختلاف بين فلسفة ديموقريطس الطبيعية وفلسفة أبيقور الطبيعية » (1841)، يخرج ماركس من فلسفة هيغل – رغم مثاليته – بنتائج جذرية وإلحادية للغاية. وفي عام 1842 أصبح ماركس عضواً في هيئة تحرير صحيفة « راينيش تسايتونغ » ثم أصبح فيما بعد رئيس تحريرها. وقد حول ماركس الصحيفة إلى أداة للديمقراطية الثورية. وخلال نشاطه العلمي وأبحاثه النظرية، اصطدم ماركس مباشرة بالفلسفة الهيغلية، بسبب اتجاهاتها التوفيقية ونتائجها السياسية المحافظة، ولسبب التفاوت بين مبادئها والعلاقات الاجتماعية الفعلية، ومهام تحويل هذه العلاقات. وفي هذا الصدام مع هيغل والهيغليين الشبان تحول ماركس إلى الموقف المادي، ولعبت معرفته بالتطورات الاقتصادية الحقيقية وفلسفة فيورباخ الدور الحاسم في عملية تحوله. وحدثت ثورة نهائية في نظرة ماركس العامة للعالم نتيجة لتغير في موقفه الطبقي، وانتقاله من الديمقراطية الثورية إلى الشيوعية الثورية (1844). وقد نتج هذا الانتقال عن تطور الصراع الطبقي في أوربا (وقد تأثر ماركس تأثراً كبيراً بالثورة السيليزية التي وقعت في ألمانيا عام 1844)، وعن اشتراكه في الصراع الثوري في باريس التي كان قد هاجر إليها بعد أن أغلقت صحيفته « راينيش تسايتونغ » (1843)، وعن دراسته للاقتصاد السياسي والاشتراكية الخيالية والتاريخ. وقد عبر عن موقفه الجديد في مقالين نشرا (1844) بعنوان « في نقد فلسفة الحقوق عند هيغل » هنا يكشف ماركس لأول مرة الدور التاريخي للبروليتاريا ويصل إلى النتيجة القائلة بحتمية الثورة الاجتماعية، وضرورة توحيد حركة الطبقة العاملة مع نظرة عامة علمية إلى العالم. وفي ذلك الوقت كان التقى ماركس وانجلز وبدآ يصوغان بطريقة منهجية نظرة جديدة للعالم. وقد عُممت نتائج البحث العلمي والمبادئ الأساسية للنظرة الجديدة في المؤلفات التالية « المخطوطات الاقتصادية والفلسفية » (1844) – « العائلة المقدسة » (1845) – « الإيديولوجيا الألمانية » (1845–1846) وقد كتبه ماركس بالاشتراك مع انجلز – « أطروحات حول فيورباخ » (1845). وأول كتاب في الماركسية الناضجة « بؤس الفلسفة » (1847) وتشكلت الماركسية كعلم متكامل يعكس وحدة كل الأجزاء المكونة لها. وفي عام 1847 كان ماركس يعيش في بروكسل حيث انضم إلى جمعية دعائية سرية كانت تسمى عصبة الشيوعيين، وقام بدور نشط في المؤتمر الثاني للعصبة. ووضع ماركس وانجلز – بناء على طلب المؤتمر – « بيان الحزب الشيوعي » (1848) وفيه استكمالا توضيح الماركسية. إن هذا المؤلف « يضع الخطوط العريضة لتصور جديد للعالم، هو المادية المتماسكة، وهو تصور يضم أيضاً مجال الحياة الاجتماعية والجدل، باعتباره أكثر نظريات التطور شمولاً وعمقاً، ونظرية صراع الطبقات، ونظرية الدور الثوري التاريخي العالمي للبروليتاريا – خالقة المجتمع الشيوعي الجديد » (لينين). إن المادية الجدلية والتاريخية فلسفة علمية على الحقيقة – تمتزج فيها امتزاجا عضويا المادية والجدل، الفهم التاريخي للطبيعة والمجتمع، التعاليم عن الوجود والمعرفة النظرية والممارسة. وقد جعل هذا في الإمكان التغلب على الطبيعة الميتافيزيقية لمادية ما قبل الماركسية والتأمل الملازم لها، واعتبارها الانسان مركزا للكون وفهمها المثالي للتاريخ. وفلسفة ماركس هي أكثر المناهج كغاية لإدراك العالم وتغييره. وقد أثبت تطور التطبيق والعلم في القرنين التاسع عشر والعشرين – بطريقة مقنعة – تفوق الماركسية على كل أشكال المثالية والمادية الميتافيزيقية. وقد زاد مذهب ماركس قوة باعتباره الشكل الوحيد للايديولوجية البروليتارية خلال النضال ضد جميع أنواع التيارات غير العلمية المناهضة للبروليتاريا، والبورجوازية الصغيرة. ويتميز نشاط ماركس بالتشيع (للطبقة العملة)، وعدم الاستعداد للمصالحة مع أي انحراف عن النظرية العلمية. وقد اشترك ماركس بدور فعال في النضال التحرري للبروليتاريا. فخلال ثورة 1848–1849 في ألمانيا كان في مقدمة النضال السياسي، ودافع دفاعا حازما عن موقف البروليتاريا بصفته رئيسا لتحرير الصحيفة التي أسسها. وعندما نفي من ألمانيا في عام 1849 استقر مؤقتا في لندن. وبعد حل عصبة الشيوعيين (1852) واصل ماركس نشاطه في الحركة البروليتارية عاملا من أجل خلق « الأممية الأولى » (1864) وكان نشيطا في هذا التنظيم، وكان يتابع عن كثب تقدم الحركة الثورية في جميع البلدان، وأبدى اهتماما خاصا بروسيا. وقد ظل ماركس حتى آخر يوم من أيام حياته يعيش في خضم الأحداث المعاصرة. وأتاح له هذا المعلومات التي لا غنى عنها لتطوير نظريته. وكانت تجربة الثورات البرجوازية في أوروبا في 1848–1849 ذات أهمية كبرى في تطوير ماركس لنظرية الثورة الاشتراكية وصراع الطبقات، ولفكرة دكتاتورية البروليتاريا، وتكتيكات البروليتاريا في الثورة البرجوازية، وضرورة تحالف العمال والفلاحين « الصراعات الطبقية في فرنسا » (1850) والتدمير الحتمي لأداة الدولة البورجوازية (« الثامن عشر من برومير لويس بونابرت » 1852). وعندما درس ماركس تجربة كومونة باريس (« الحرب الأهلية في فرنسا » 1871) اكتشف شكلا لدولة دكتاتورية البروليتاريا، وحلل بعمق الإجراءات التي اتخذتها سلطة أول دولة لدكتاتورية البروليتاريا. وفي كتابه « نقد برنامج غوتا » (1875) أحدث ماركس مزيدا من التطور في نظريته في الشيوعية العلمية. كتابه الرئيسي هو « رأس المال »: نشر المجلد الأول منه عام 1867، والثاني نشره انجلز عام 1885 والثالث في عام 1894، وقد وضع خلق الاقتصاد السياسي العلمي للشيوعية. أما الأهمية الفلسفية لكتاب « رأس المال » فلا مثيل لها. فهو يجسد المنهج الجدلي في البحث بصورة رائعة. وقد وضع ماركس في صورة موجزة في مقدمته لكتاب « نقد الاقتصاد السياسي » (1859) – وهو واحد من أوائل مؤلفاته في الاقتصاد – جوهر الفهم المادي من فرض إلى علم. وتحتوي مراسلات ماركس على الكثير مما يميز فلسفته. ولم يسبق قط أن تأكد مذهب على هذا النحو في التطبيق، كالمذهب الذي وضعه ماركس. وقد طور لينين – إلى جانب تلاميذه وأتباعه – الماركسية في ظل ظروف تاريخية جديدة.

يمكنكم أيضا مراجعة:
- لينين
كارل ماركس
- لينين خطاب على قبر كارل ماركس